من السائل والمجيب ببيان الأثر الوضعي الذي هو الطهارة والنجاسة ، ويؤيّده ترتيب قوله : « لا تشربه » على قوله : « خمر » . ولو كان التنزيل بلحاظ النجاسة أيضا لناسب أن يقال : لا تشربه واجتنب منه ، وكون النجاسة من الآثار الظاهرة البديهية للخمر على حدّ ظهور الحرمة وبداهتها ممنوع ، فإنّ البداهة إنّما هي في هذا الزمان ، وأمّا في تلك الأزمنة فقد كان حكم نجاسته مختلفا فيه في ما بين الرواة ، وقد تعرّضوا له في ضمن الروايات أيضا ، هذا مع خلو الرواية عن لفظ الخمر في نسخة الكافي ، وإنما هو ثابت في كتاب الشيخ ، والكافي أضبط من الشيخ ، ولا يمكن الاعتضاد لفتوى ابن بابويه ، فإنّها وإن كانت مأخوذة من الروايات لكنّه لاستنباطه أيضا دخل فيها ، وإذن فالطهارة قضية الاستصحاب . مسألة : لو صار العصير خلا فالنص دال على الحلية فلو صار دبسا قبل ذهاب الثلثين ، أو كان غاليا بغير النار ، ثمّ صار دبسا فهل ينتفع في حلَّيته أيضا أم لا ؟ فانّ معيار الانقلاب أن يكون الموضوع غير الأوّل بنظر العرف ، وكان المنقلب إليه محكوما بضد حكم المنقلب ، إمّا بالدليل ، أو بالأصل ، كما هو الحال في الكلب إذا صار ملحا ، فان قولنا : الكلب نجس ، لا يفهم منه العرف الملح ولو ما كان سابقه الكلب ، فهل المقام أيضا كذلك فلا يقال على الدبس أنّه عصير أو لا ؟ الانصاف هو الثاني ، فإنّ العرف لا يرى مغايرة هذين الموضوعين إلَّا نحو مغايرة موضوع العجل مع موضوع البقر ، ومغايرة اللبن مع الجبن ، والحنطة مع الخبز ، ألا ترى أنّ وصف الغصبية في العجل لا يزول إذا صار بقرا ، وكذا النجاسة في اللبن والحنطة إذا صارا جبنا أو خبزا ، مع أنّ البقر حلال ذاتي ، والجبن والخبز