أحدهما : أنّ آدم كان جهة كما تكون القبلة جهة لنا في صلواتنا ، فنحن نوقع العبادة إلى هذه الجهة ، لا أنّا نسجد ونركع ونوقع العبادة للكعبة ، فكذا الملائكة أيضا سجدوا لله تعالى وكان عبادتهم بجهة آدم - عليه السّلام . والثاني : أنّ سجدتهم لآدم كانت مأمورا بها من الله تعالى ، وبعد كونها كذلك يكون في الحقيقة سجدتهم لله ، ومحصّل التعبيرين أنّها عبادة بعد بهذه الوجهة ، وإذن فكل ما يفعله الشيعة عند ضرائح أئمّتهم حيث يكون بأمر الله فلا ضير فيها . نعم لا بدّ من المتابعة في أنحاء التواضع لتلك القبور للنحو الذي أمره الله ، فلو وقع تواضع لأحد الأئمّة أو لقبورهم على غير ما أمره الله وعلى نحو لم يصل الإذن فيه من الشرع ، فالتواضع بهذا النحو والتملَّق بهذا القسم لا شكّ في كونه بعينه مثل فعل هؤلاء المشركين وفي كون فاعله منسلكا في سلكهم ، فلا بدّ في نحو التواضع لهم عليهم السلام من وصول الإذن ولو بالوجه العام . ومن جملة ما لم يرد به الإذن السجدة ، فمن سجد لأحد الأئمّة أو لقبورهم فهو مشرك ، وقد ورد أنّهم - عليهم السلام - لم يمتنعوا من تقبيل أيديهم الشريفة ، ولكن منعوا من تقبيل أرجلهم المطهّرة معلَّلين بأنّ السجدة مخصوصة باللَّه تعالى ، وبالجملة السجدة من جملة الأطوار والأنحاء التي لم يرد فيها الإذن بل ورد النهي عنها . وأمّا تقبيل عتبة هذه الروضات المقدّسة فلم يرد بعنوانها الخاص دليل ، وإذن فيختلف حاله على حسب اختلاف قصد الفاعل ، فإن قصد بذلك أن يتبرّك شفتاه بالوصول إلى العتبة ، بحيث لو لم يكن العتبة على الأرض بل كان مرتفعا