معروفيّة القول بالنجاسة من الشيعة على خلاف مذهب العامّة ، وهذا ينافي التقيّة . وتوهّم أنّه لعل التحريم الذي كرهه الإمام لكونه مخالفا للتقيّة ، كان هو التحريم لأجل عدم تجنّبهم عن النجاسات ، فلا يدلّ على النجاسة الذاتية التي هي المدّعي ، خلاف الظاهر ، فإنّ الظاهر من التحريم هو النجاسة الذاتية ، كما عرفته في رواية إسماعيل بن جابر المتقدّمة . ثمّ هل نجاسة الكافر مخصوصة بأجزائه التي تحلَّها الحياة ، أو يعمّ الأجزاء التي لا تحلَّها الحياة كالشعر والظفر ؟ دليل قول السيّد [1] باختصاص النجاسة في الكلب والخنزير بالأجزاء الأول جار هنا أيضا ، ونحن وإن اعترضنا عليه هنا بأنّ الأدلَّة لا تساعد عليه ، فإنّ النجاسة قد علَّقت على عنواني الكلب والخنزير فيها ، وهذين الاسمين تقع على مجموع الهيكل الذي منه الأجزاء التي لا تحلَّها الحياة ، إلَّا أنّ هذا الاعتراض لا يتمّ هنا ، فإنّ أدلَّة النجاسة على تقدير تماميّتها ، وطرح ما يعارضها لا يستفاد منها أزيد من نجاسة الأجزاء الأول ، وذلك أنّه لم يعلَّق في شيء منها حكم النجاسة على عنوان الكافر أو ما يفيد معناه ، وإنّما أمر فيها بغسل اليد عند السؤال عن مصافحتهم ، وكذا نهى عن المؤاكلة معهم في قصعة واحدة ، ومن المعلوم أنّ المصافحة والمؤاكلة لا توجبان ملامسة ما لا تحلَّه الحياة ، هذا حال الأخبار . وأمّا الآية فقد عرفت وهن دلالتها ، وإذن فتكون الأجزاء الغير الحالّ فيها الحياة بلا دليل ، فيكون مقتضى الأصل فيه هو الطهارة ، ولهذا استشكل صاحب المعالم في هذا المقام في الحكم بالنجاسة ، وإن اعترض عليه صاحب الحدائق بما
[1] - أي السيّد المرتضى - ره - وتقدّم هذا القول عنه في بحث نجاسة الكلب والخنزير .