وإذا أضيف إلى الخمر يفيده ، وكذلك إذا أضيف إلى النفس كما لو قيل : فلان رجس نجس بملاحظة خباثة نفسه ورذالة باطنه فليس ملازما لما هو الموضوع للأحكام ، وإذا أضيف إلى الجسم كما لو قيل : فلان نجس بملاحظة هيكله وجثّته فهذا يكون بمعنى ما هو الموضوع لها . وعلى هذا فيدور الأمر في الآية المباركة بين هذين اللحاظين ، وأنّ إطلاق النجس على المشركين وقع بلحاظ نفوسهم ، أي هم خبيث النفس وسيئ الباطن ، أو بلحاظ هياكلهم ، أي هياكلهم وجثّتهم نجسة ، ربّما يؤيّد إرادة الثاني بتفريع قوله : « فَلا يَقْرَبُوا » فإنّه مناسب للنجاسة الظاهريّة دون الباطنيّة . وفيه أنّ الجنب والحائض أيضا منهيّان عن الدخول في المسجد مع عدم نجاستهم إلَّا بالنجاسة الباطنيّة . ويمكن تقريب الأوّل ، بأنّ المناسب بوصف المشركيّة المعلَّق عليه النجاسة في الآية إرادة النجاسة الباطنية ، فإنّ الشرك من أفعال النفس الناطقة ، فيبعد أن يقع فعل القلب موضوعا لحكم الجوارح ، فالمناسب أن يكون بمعنى أنّ المشركين خبيث أنفسهم حيث أقرّ أنفسهم بوجود الشريك للباري تعالى . ولا يشكل على هذا بأنّه لا يتمّ الحصر حينئذ ، فإنّ هذا المعنى من النجاسة أعني : الخبث الباطني موجود في منكر النبوّة ومنكر الضروري ومنكر الإمامة أيضا ، ولا اختصاص له بمنكر الوحدانيّة ، وذلك لأنّ هذا الإشكال مشترك الورود ، فإنّه لو حمل على النجاسة الظاهريّة أيضا يستشكل بأنّه لا اختصاص بالمشرك ، بل الذميّ ومنكر الضروري أيضا كذلك ، مع عدم كونهما مشركين ، وبالجملة فالآية إمّا ظاهرة في خلاف المدّعى من النجاسة الظاهريّة وإمّا مجملة .