أصالة عدم وقوع دم الحيض رافعا لهذا الأثر ولا يكون معارضا بأصالة عدم وقوع دم غير الحيض ، فإنّ وقوع خصوص دم غير الحيض قد عرفت أنّه ليس له أثر شرعي حتّى يرتفع بأصالة عدم وقوعه بخلاف خصوص دم الحيض ، فإنّ وقوعه موضوع لأثر وجوب الزائد فيجري أصالة عدم وقوعه لارتفاع هذا الأثر ، فإنّ الموضوع الذي يترتّب الأثر الشرعي على وجوده فعند الشكّ فيه يترتّب على أصالة عدمه رفع هذا الأثر كما في أصالة عدم التذكية ، فإنّ الحليّة والطهارة أثران للتذكية ، فيطلب بأصالة عدم التذكية رفعهما . وأمّا ما ذكره - قدّس سرّه - في بيان عدم المعارضة بقوله : « إذ لا يخفى أنّه لا يترتّب على عدم وقوع دم غير الحيض أو عدم ملاقاته حكم شرعي ، والذي يترتّب عليه حكم هو وقوع دم غير الحيض لا عدم وقوعه » فهو بظاهره بل صريحه مناف لما ذكرناه ، والظاهر كون لفظة « الغير » الثانية زيادة من قلمه - قدّس سرّه - أو من قلم النسّاخ ورجوع الضمير في « وقوعه » إلى دم غير الحيض فيكون راجعا إلى ما ذكرنا ، ومحصله أنّ الأثر ، أعني : وجوب نزح الزائد على الأربعين إنّما هو أثر لوقوع دم الحيض فيكون مرتفعا بأصالة عدم وقوعه ، وليس أثرا لعدم وقوع دم غير الحيض حتّى يكون مثبتا بأصالة عدم وقوعه . وبالجملة إنّا نقول : الأصل عدم وقوع دم الحيض ، ونرتّب عليه عدم وجوب الزائد ، ولا يعارض ذلك بأنّ الأصل عدم وقوع دم غير الحيض فيكون نزح الجميع واجبا ، وذلك لأنّ وجوب نزح الجميع أثر لوقوع دم الحيض ، فتكون أصالة عدم وقوعه جارية ، وأمّا أصالة عدم وقوع دم غير الحيض فلا أثر لها شرعا فليست جارية .