وفيه : أنّ ما ذكر احتمال في معنى الرواية ، بأن تكون كلمة « حتى » تعليلية أو انتهائية داخلة على العلَّة الغائية ، كما في قول القائل : كرر النظر في العبارة إلى أن تفهمها ، مع احتمال أن يكون لخصوص النزح أيضا مدخل وليس مدخليته إلَّا لأجل كونه سببا لنبع ماء جديد من المادة وصيرورته ممزّجا مع المتغيّر ، فيدل على هذا على اعتبار الامتزاج ، والانصاف تساوي الاحتمالين ، فتكون الرواية من هذه الجهة مجملة فتسقط عن الاستدلال . ومنها : قوله - عليه السلام - في مرسلة الكاهلي : كل شيء يراه ماء المطر فقد طهر [1] . وقول أبي جعفر - عليه السلام - فيما أرسله في أوّل المختلف عن بعض العلماء ، عن أبي جعفر - عليه السلام - مشيرا إلى غدير من الماء : إنّ هذا لا يصيب شيئا إلَّا طهره [2] ، فإنّ الرؤية والإصابة وإن كانا لا يصدقان في الأجسام الجامدة إلَّا بالنسبة إلى خصوص ما رآه المطر ، وما أصابه الكر دون ما لم يره ولم يصبه من أجزائها ، إلَّا أنّها في المائعات على خلاف ذلك ، فإذا تحقق رؤية المطر بالنسبة إلى جزء من الماء يصدق بالنسبة إلى تمام أجزائه أنّه رآه المطر . وبعبارة أخرى : أنّ التطهير حاله حال التنجيس ، فكما أنّ الثاني يسري في المائعات إلى تمام الأجزاء ، فكذا الأوّل ، وسرّ ذلك أنّ العرف يستبعد في الأجسام الجامدة أن يكون المؤثر في بعض منها مؤثرا في تمام أبعاضها تنجيسا وتطهيرا ، وأمّا في المائعات فيرى التأثير في جميع أجزائها لما يلاقي جزء منها ، ولهذا يستقذر من جميع ما في الآنية من المائع إذا وقع فيه قذر ، غاية الأمر أنّ الشارع خطَّأه في تحديد