وبقي فيه دم غيره والدم المتكوّن كان المرجع هذا العموم ، فيحكم بالطهارة . ولكنّ المفروض خلافهما وأنّ الحكم ورد من الابتداء منقسما بقسمين ومتعلَّقا بموضوعين من دون عموم في البين ، فمن أوّل الأمر علَّق حكم النجاسة على دم ذي النفس ، والطهارة على غيره والمتكوّن ، فلا محالة لا يمكن التمسّك في مورد الشكّ لا بعموم النجاسة ولا بعموم الطهارة ، لكون الشبهة في الصدق والتمسّك بالعام في شبهة الصدق غير جائز . وأمّا الثانية : وهي الشبهة المصداقيّة ، فكما لو شكّ لأجل الظلمة في أنّه دم أو غير دم ، فلا يمكن التمسّك هنا بالعام ، لكون الشبهة أيضا في الصدق ويكون أصل الطهارة مرجعا ، وكذلك لو علم كونه دما ولكن شكّ في كونه دم الحيوان ذي النفس أو دم الحيوان غير ذي النفس ، كما لو شكّ في دم الحيّة والتمساح لأجل الشكّ في كونهما من ذي النفس أو غيره ، فلا شكّ أنّ التمسّك بالقاعدة أيضا غير ممكن وهو شيء مشكوك الطهارة والنجاسة ، فيكون المرجع فيه الأصل ، وكذلك لو علم أنّه إمّا من السمك أو من الإنسان ولم يعلم أحدهما بعينه . وبالجملة : ففي جميع صور الشبهة المصداقيّة يكون المرجع قاعدة الطهارة فيما لم يكن للدم المشكوك حالة سابقة ، فإنّ التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة غير جائز على ما قرّر في الأصول . فلو ورد أكرم العلماء ثمّ لا تكرم الفسّاق منهم ، فصار العام الأوّل بمنزلة أكرم العلماء العدول فشكّ في عدالة فرد فلا يمكن التمسّك بعموم هذا العام وهو لا يعيّن الموضوع ، إلَّا أن يكون هنا أصل موضوعيّ كما لو كان الحالة السابقة العدالة ، فاستصحابها يوجب دخول المشكوك تحت العام ، أو كان مسبوقا بالفسق فاستصحابه يوجب خروجه عنه .