إنّما الكلام والإشكال في ذي النفس من غير المأكول بأقسامه ، والكلام فيها يقع تارة في أنّ الأصل عند الشك هل هو الطهارة أو النجاسة مع قطع النظر عمّا يستفاد من الأخبار ؟ وأخرى في أنّ القاعدة المستنبطة من الأخبار ما ذا مع قطع النظر عمّا يقتضيه الأصل ؟ فهنا مقامان : أمّا المقام الأوّل : فربما يقال : إنّ الأصل الجاري عند الشك هو أصالة عدم التذكية : فإنّ التذكية التي هي موضوع الطهارة أمر بسيط وحداني ، وله محقّقات كإسلام الذابح ، والقبلة ، والتسمية ، ومنها قابلية المحل . فكما أنّه لو شك في تحقّقها من جهة الشك في مقدماتها الخارجية أعني : شرائط التذكية يكون الأصل عدم تحقّقها . فكذلك لو شك في تحقّقها لأجل الشك في مقدمتها الداخلية أعني : قابلية المحل فالأصل أيضا عدمها ، فهو في الحيوان كالطهارة من الحدث في الإنسان ، وهذا الأصل مقدّم على استصحاب الطهارة الثابتة حال الحياة وعلى أصالة الطهارة . أمّا على الاستصحاب فلأنّ هذا الأصل حاكم عليه ، فانّ الشك في الطهارة والنجاسة ناش من الشك في تحقّق موضوع الطهارة وهو التذكية ، والأصل في السبب مقدّم على الأصل في المسبب . وأمّا على الثاني فلأنّها مع ذلك محكومة للاستصحاب أيضا . لا يقال : إنّ الشك في وجود التذكية أيضا ناش عن الشك في القابلية ومسبب عنه . فإنّه يقال : نعم ولكن ليس في السبب أصل يقتضي القابلية أو عدمها .