التفكيك بين ما قبل حصولها وما بعده ، فإنّ التذكية إن كانت حاصلة واقعا كان بحكم المذكَّى في جميع الأزمان ، وإن كان غير حاصل واقعا كان بحكم الميتة كذلك ؟ لأنّا نقول : وإن كان بحسب الواقع لا يمكن التفكيك ، ولكن بحسب مرحلة الظاهر ومقتضى الأصل يمكن التفكيك بحسب الآثار بين الزمانين ، كما يمكن بين موضوعين يقطع بكونهما مشتركا واقعا في الأثر ، كما في صلاتي الظهر والعصر إذا حكم بصحّة الأولى عند الشكّ في الوضوء بعدها بقاعدة الفراغ دون الثانية ، فيجب تجديد الوضوء للثانية ، مع أنّه لو كان الوضوء حاصلا في الواقع ، كانت الصلاتان صحيحتين ، وإلَّا فكلتاهما باطلتان . أقول : لو كان اليد أمارة على التذكية فواضح أنّ معنى الأماريّة والكاشفيّة هو الحكم بالتذكية من أوّل الأمر ، وأمّا إن جعلنا الحكم بالتذكية عندها بالأصل : بمعنى أنّ كلّ مشكوك التذكية مع ثبوت اليد محكوم بالتذكية فربّما يتوهّم الفرق بين هذا والأمارة ، والتحقيق عدم الفرق . [ وأمّا ] قولك الأصل الحاكم وهو أصالة التذكية حاصل من حين اليد ولا وجود له قبله ، فأصالة عدم التذكية قبل وجوده سليمة عن الحاكم إن كان المراد ثبوت موضوعه في هذا الحين فهو حقّ ، فإنّ موضوعه اليد وهو حاصل في هذا الحين ، فهو كما لو حصل الملاقاة مع شيء في حال الغفلة عن طهارته ونجاسته ثمّ حصل الالتفات والشك ، فإنّ موضوع أصالة الطهارة وهو الشكّ لم يكن حاصلا حين الملاقاة لفرض الغفلة فيه ، بل حصل بعدها فموضوع أصالة التذكية وبعبارة أخرى قول الشارع : مشكوك التذكية محكوم بالتذكية حاصل زمان ثبوت