والاحتياط يجب أن لا يترك في كل مورد كان العرق المتصاعد عين المائع ذي العرق في الذات والحقيقة ولم يكن له وجود منحاز عن وجوده وحقيقة أجنبية عن حقيقته ، وإن كان الاسم مختلفا والآثار والخواص أيضا متبدلة متفاوتة ، لوضوح عدم الملازمة بين الاختلاف في الخواص والآثار أيضا ، وبين اختلاف حقيقة الموضوع ، ألا ترى أنّ لحم الغنم الشاب له خاصية وأثر وراء خاصية لحم الغنم المسنّ مع عدم اختلاف الوجودي بينهما عرفا . نعم لو أحرز في مورد أنّ العرق المتصاعد من شيء يرى في العرف شيئا غير نفس ذلك الشيء وموضوعا أجنبيا عن موضوعه ، بل وإن اشتبه الحال في صدق الحقيقة السابقة عليه عرفا كان الحكم بمقتضى القاعدة هو الطهارة ، وإن فرض مع ذلك اتحاد الاسم والخاصية ، وإن كان هذا الفرض في غاية البعد إن لم يكن مجرد فرض لا واقعية له هذا فافهم وتدبر . وحاصل ما ذكرنا دعوى العينية بين العرق وذي العرق سواء كان ذو العرق من الأشياء الجامدة أو المائعة ، والفهم العرفي المذكور والمعاملة العرفية المذكورة أيضا جعلناهما كاشفين عن العينية ، إذ بدونها لا يتم المدّعى ، فلو كان جهة الأمرين كون العرق فرعا للشيء النجس وكونه أصلا للعرق مع محفوظية التعدّد في الوجود بينهما لما أمكن إثبات المدّعى به ، فإنّه لو سلَّمنا الغيرية فلا يمكن بمجرد كونه حاصلا ومتولَّدا من النجس وكون النجس منشأ له وأصلا القول بالنجاسة ، فإنّ العرف يستقذر من المني ولا يستقذر من المرأة الشابة الوجيهة مع كونها متولَّدة من المني ، والشرع أيضا لا يحكم بالاجتناب عن الدود والتراب اللذين كان أصلهما عذرة مثلا ، فنعلم من ذلك أنّ حكمهم بالتبعيّة والسراية في العرق ليس إلَّا من باب العينيّة .