المعلوم أنّ الأصل الشرعي مقدّم على العقلي ، لأنّ حكم العقل بالاحتياط من باب دفع الضرر والأصل الشرعي مؤمّن عن الضرر . فإن قلت : قاعدة الطهارة بعد كون التكليف من السابق معلوما ويشكّ في ارتفاعه معارضة بالاستصحاب الذي هو أصل شرعي . قلت : إن أردت بالاستصحاب استصحاب حكم العقل باشتغال الذمّة بمعنى كون العنق في قيد التكليف فهذا ليس مشكوكا ، إذ لا نشكّ في حكم العقل بذلك ، بل نقطع بحكمه بذلك في الحال كما عرفت آنفا ، وإن أردت استصحاب حكم الشرع بوجوب الاجتناب عن النجس الشخصي فالموضوع في هذا الاستصحاب غير محرز ، لعدم العلم بكون هذا الإناء هو النجس الواقعي ، وإن أردت استصحاب حكم الشرع بوجوب الاجتناب عن النجس الكلَّي فهذا ممكن ، لكن لا يفيد فائدة إلَّا بضميمة حكم العقل بالاحتياط إليه ، إذ بعد الاستصحاب المذكور لا يمكن الحكم بتطبيق الكلي على هذا الموجود ، إذ يصير مثبتا ، بل لا بدّ بعد إثبات وجوب الاجتناب عن النجس الكلَّي بالاستصحاب واحتمال أنّه كان هذا الإناء الموجود من حكم العقل بوجوب الاحتياط ، فيكون الاستصحاب لغوا ، فالعمدة هو حكم العقل بالاحتياط وقد عرفت ورود القاعدة عليه ، هذا . ومن هنا يعلم الحال في فرع آخر يكون الكلام فيه بعينه هو الكلام في الإناء المذكور ، وهو ما إذا كان هنا إناء معلوم الطهارة تفصيلا وإناء آخر معلوم النجاسة كذلك وكانا متميّزين ، ثمّ أريق أحدهما وبقي الآخر ولم يعلم أنّ الباقي هو معلوم الطهارة أو معلوم النجاسة ، فإنّه لا إشكال في كونه موضوعا مشكوكا بشكّ بدوي