إلَّا بالملاقاة ، لكن هذا غير دلالة لفظ الخبر ، فعلى هذا يؤخذ بهذا المرتكز لكونه حجّة لو لم يدل على خلافه دليل ، فإن قام على الخلاف دليل شرعي كان هذا الدليل تخطئة من الشرع لطريق العرف ، وليس المرتكز مع هذا الدليل من قبيل المتعارضين ، بخلاف ما لو قلنا بدلالة اللفظ ، إذ يكون ظهور هذا الخبر وذاك الدليل حينئذ متعارضين . وعلى القول بعدم الدلالة لو لم يكن دليل آخر سوى ارتكاز العرف لو شككنا في أنّ الماء العالي الوارد على النجس والقذر يصير مستقذرا عند العرف أو لا ؟ فلا بدّ من الرجوع في حكم هذا الماء حينئذ إلى الأصل ، لفرض انحصار الدليل في الارتكاز ويجب الاقتصار على القدر المتيقّن من مورده وهو صورة علو النجس أو المساواة ، وهذا بخلاف ما لو كان الملاقاة قيدا لفظيا مذكورا في الكلام ، إذ حينئذ كان لنا الأخذ بإطلاقه وإن شككنا في حكم العرف بالإستقذار في صورة ورود الماء . والحاصل : أنّ احتمال عدم الدلالة اللفظية إمّا متعيّن ، وإمّا محتمل ، ولا أقل منه ، فيسقط الخبر عن الاستدلال ، لعدم ثبوت العموم الأحوالي له على تقدير هذا الاحتمال . ثمّ إنّه ربما يستدل على نجاسة الغسالة برواية عبد الله بن سنان المتقدّمة لقوله : « فيها والماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجناية لا تتوضّأ منه » ولكن عرفت عدم التصريح في الرواية بالنجاسة ومجرّد الحكم بعدم رافعيته الحدث كما يجتمع النجاسة يجتمع مع الطهارة أيضا ، ويكون وجه المنع حينئذ استعماله في إزالة الخبث ، إلَّا أن يكون وجه الاستدلال ملاحظة هذه الرواية الحاكمة بأنّ ماء الغسالة لا يرفع الحدث مع عموم القاعدة « كل ماء طاهر يرفع