الأشياء المذكورة ، أعني : البول والدم والعذرة بهذا المقدار ، بل أزيد منه قطعا ، واحتمال أن يكون الغرض هو الجواب بجنس المطهر من دون إرادة بيان تفصيله مناف لغرض السائل ، فإنّه على ما يفهم من كلامه يسأل عن ما يطهّر واقعا بئره التي تكون محلا لابتلائه وظنّ نجاستها لا عن جنس المطهر كما لو قيل : ما الذي يطهّر المتنجسات فأجاب بأنّه الماء . وبالجملة الجواب بالجنس مناف لغرض السائل من بيان المطهر الفعلي الواقعي ، فالذي يمكن أن يقال : إنّ الإجمال في الجواب في مثل هذا المقام مسوق لغرض ارتداع السائل عن توهّم النجاسة ، فإنّه قد يقصد ارتداع المخاطب عن توهّمه بالإجمال في الجواب لا بالتصريح ، وعلى هذا فيكون دليلا على الطهارة لا النجاسة بتقريب إنّ السائل توهّم النجاسة ، فلهذا سأل عن المطهر والإمام قرّره على ذلك كما توهّم . ومنها : ما عن أبي عبد الله - عليه السّلام - قال : « إذا أتيت البئر وأنت جنب ، فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به ، فتيمّم بالصعيد ، فانّ ربّ الماء ربّ الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم » . [1] هذا أيضا كسابقه مما استدل به للقول بالنجاسة ، فإنّ الأمر بالتيمم ليس إلَّا لنجاسة الماء بسبب وقوع الجنب فيه ، فإنّه لا يخلو غالبا عن النجاسة العينية في بدنه ، وأيضا الإفساد هو التنجيس . والجواب المنع عن كلا الأمرين . أمّا الأوّل : فلأنّ المسوّغ للتيمم هو إضاعة الماء على تقدير الوقوع فيه بكدورة مائه وسقوطه بذلك عن الانتفاع به في الشرب وغيره ، ولا ينافيه صحّة الغسل لو
[1] - الوسائل : ج 1 ، باب 14 ، من أبواب الماء المطلق ، ص 130 ، ح 22 .