وحينئذ فنقطع إجمالا في المثال بتوجّه أحد التكليفين إمّا لا تشرب هذا الماء ولا تتوضّأ منه ، وإمّا لا بد أن لا تصل يديك وثوبك بظهر هذا الإناء مع الرطوبة مقدمة للصلاة ، فيلزم من إجراء الأصل في كلا الطرفين العلم بالمخالفة لأحد التكليفين فيجب الاحتياط عقلا للأمن عن ضرر مخالفة التكليف . وحينئذ فلا بد إمّا من جعل هذه الرواية مخصّصا لعمومات تنجيس الدم مطلقا ، أو لعمومات انفعال الماء القليل بكل نجس ، وإمّا من مخالفة القاعدة العقلية في العلم الإجمالي في خصوص هذا الفرض من باب ارتفاع موضوعها ، فإنّ موضوع حكم العقل بوجوب الاحتياط دفع الضرر المقطوع وجوده في أحد الجانبين ، وهذا الموضوع يرتفع بعد ترخيص الشارع في الارتكاب للعلم بأنّه لو صادف مخالفة التكليف واقعا لا يؤاخذ عليه الشارع نظير البراءة العقلية ، حيث إنّ موضوعه قبح العقاب بلا بيان ، فلو ورد من الشرع دليل ولو ظاهريا كان بيانا فيكون له الورود على هذه القاعدة العقلية ويكون من باب التخصّص لا التخصيص ، إذ القواعد العقلية يمتنع تخصيصها فإنّ موضوعاتها علل تامة بمحمولاتها وتخصيصها تفكيك للمعلول عن علَّته . وبالجملة الوجه الأوّل وهو تخصيص العمومات المذكورة في غاية البعد ، فإنّ تخصيصها مع تكثّرها لا بد وأن يكون بظاهر قوي الدلالة والظهور لا بمثل هذه الرواية التي لا ظهور لها في إصابة الدم بنفس الماء ، فالحمل على العلم الإجمالي وخروج هذا المورد عن موضوع القاعدة العقلية من جهة النص على جواز الارتكاب يكون أولى ، فتكون هذه الفقرة أيضا دليلا على الانفعال . وعن سماعة قال : سألت أبا عبد الله عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في