والنسيان إليهم إذا اقتضت المصلحة ذلك ، ولو كان هو تعريف كونهم مخلوقين لئلَّا يتوهّم القاصر فيهم الربوبيّة ، فأي مانع يمنع ذلك وهم في هذا الحال أيضا متمكَّنون في مرتبتهم ، من دون حدوث نقيصة أصلا فيما هم عليه من رفعة المقام . نعم ليس هذا كسهونا ، فإنّ السهو فينا ينشأ من سلطنة الشيطان علينا وغلبة الخيالات الفاسدة في قلوبنا ، فتتشوّش بذلك حواسّنا فيعرض النسيان . وأمّا فيهم فمنشؤه قدرة الله وسلطنته ، فلذلك وقع التعبير عنه في عبارة بعض العلماء بالإسهاء أي الإيقاع في السهو يعني إيقاع الله تعالى إيّاهم - صلوات الله عليهم - في السهو . ولكن لا بدّ أن يعلم أنّ هذا مخصوص بالموضوعات ، فلا مانع من جواز إسهائهم في الموضوعات . وأمّا في تبليغ الأحكام فحيث قلنا : إنّ المباشر لإلقاء السهو ، وأخذ الذكر هو الله فلا يمكن عقلا صدوره منه تعالى في مقام التبليغ ، فإنّه مناف للغرض من البعثة ، فإنّه تبليغ الأحكام ، ويبطل هذا الغرض بالإسهاء ، فيمتنع صدوره منه تعالى ، ولم يقل به في مورد التبليغ أيضا أحد ، ففي هذا المورد دلّ العقل والنقل على الامتناع ، وأمّا في الموضوعات فبعد وجود الأخبار الصحيحة لا يأبى العقل أن يسلَّط الله عليهم السهو في موضوع لأجل مصلحة ، وليس هذا منافيا لاعتقاد من الاعتقادات الدينيّة . فتحصّل أنّ إثبات السهو كنفيه ليس شيء منهما من المنكرات ، فبأيّ منهما قال أحد لا يوجب الكفر . ثمّ يجب التنبيه هنا على مطلب ، وهو أنّ المشركين من القريش والوثنيين