حينئذ يصير بمنزلة جعل كثرة النجاسة وقلَّتها متفاوتين في طهارة الثوب ونجاسته . فعلم أنّ القول بالطهارة كما هو المشهور يساعده القواعد مع أنّ القول الآخر بالعفو لم يعلم مراد قائله ، فإن أراد العفو مطلقا وبالنسبة إلى جميع الآثار ، فلا يظهر له ثمرة . وإن أراد العفو في خصوص عدم التأثير في نجاسة الملاقي دون سائر الآثار من حرمة الشرب وعدم جواز رفع الحدث والخبث وغير ذلك فالثمرة واضحة . بقي هنا أمور : الأوّل : على القول بطهارة غسالة الاستنجاء هل يجوز الوضوء والغسل به مطلقا أو لا يجوز مطلقا ، أو يفصل بين الرافع منهما وغير الرافع ؟ الحق هو الأوسط ، وذلك لقوله في رواية عبد الله بن سنان المتقدمة : الماء الذي يغسل به الثوب لا تتوضأ منه ، وأشباهه ، فإنّ غسل الثوب من باب المثال والمقصود مطلق إزالة الخبث ، فيشمل غسالة الاستنجاء ، والغسل إمّا معلوم من رجوع ضمير « وأشباهه » إلى الوضوء الذي تضمّنه قوله : لا تتوضأ ، وإمّا بطريق الأولوية . ثمّ إتمام الدعوى في غير الرافع من الوضوء والغسل يمكن بوجهين : الأوّل : بالإطلاق فإنّ الوضوء الغير الرافع كوضوء الحائض داخل في إطلاق لفظ الوضوء ، فيشمله : لا تتوضأ ، وكذا الغسل . والثاني : أنّ أدلة تلك الوضوءات والأغسال الغير الرافعة مصبّها هو الوضوء على نحو الوضوء المقصود به رفع الحدث من جميع الجهات من حيث الأجزاء ومن حيث الشرائط ، فكما لا يجوز الوضوء الرافع بماء المضاف فكذا في ما هو مصب هذه الأدلَّة . وبالجملة : معلوم من هذه الأدلَّة أنّ تفاوت هذا الوضوء وهذا الغسل من