وغير منجس ، فالأكثرية علَّة منقحة للموضوع لهذا الحكم الشخصي ، ولا يكون لنفس الحكم الكلي الشرعي من طهارة الماء أو طهارة ملاقيه ، وعلى هذا فيخرج التعليل عن محذور الإجمال الذي كان فيه على تقدير جعله علَّة للحكم الشرعي . قلت : مضافا إلى أنّ الظاهر من الرواية كون التعليل علَّة لعدم البأس من حيث كونه حكما كليا شرعيا لا لتنقيح الموضوع بالنسبة إلى عدم البأس المتعلَّق بهذا الموضوع ، أنّ الظاهر من الرواية كون عدم البأس معلَّلا بلا واسطة بأكثرية الماء ، وعلى التقدير يكون علَّة لما هو علَّة لعدم البأس ، فإنّ علَّة عدم البأس بلا واسطة على هذا هو عدم العلم بوصول الثوب إلى جزء النجاسة ، وعلَّة عدم هذا العلم أنّ الماء أكثر من القذر ، فكان المناسب تعليل عدم البأس بعدم العلم ، وتعليل عدم العلم بأكثرية الماء ، فحيث جعل الأكثرية علَّة بلا واسطة لعدم البأس علم أنّه علَّة لعدم البأس الذي هو حكم شرعي ، وقد عرفت أنّه لا يناسب إلَّا لطهارة الماء دون طهارة الثوب . ثمّ الظاهر من الرواية الوسطى [1] : أنّه كان بدن المستنجي ملوّثا بنجاسة المني ، وإلَّا لكان التقييد بقوله : وأنا جنب ، أجنبيا ، مثل أن يقول : وأنا طويل ، وعلى هذا فالحكم بعدم البأس يكون على خلاف القاعدة من هذه الجهة أيضا .
[1] - بل هذه الرواية الوسطى ممّا ينبغي عدّه من أدلَّة طهارة مطلق الغسالة في تطهير الأخباث ، وإن لم يذكره فيها أحد ، وقد نقل الأستاذ - دام علاه - أنّه قد نبّه على ذلك أستاده الجليل السيّد محمّد الأصفهاني ، ثمّ بعده المولى الجليل الشريعة الأصفهاني ظانا أنّه لم يسبقه إلى ذلك أحد ، وليس في طريق الرواية من يتكلَّم فيه سوى عليّ بن الحكم ، فإنّه مشترك بين الكوفي الثقة ، والأنباري ، واختلف في اتّحادهما - بناء على أنّ الأنبار اسم محلَّة بالكوفة - واختلافهما ، ولكن حيث إنّ المرويّ عنه له في هذه الرواية أبان بن عثمان ، وقد ذكر في رجال أبي علي أنّ الراوي عنه عليّ بن الحكم الكوفي فلا بدّ أن لا يتأمّل من جهته أيضا . لمحرّره عفي عنه وعن والديه .