والذي هو المقصود بالبحث هنا ما يرتبط بالجهة الوضعية فيما نحن فيه ، وأما البحث عن أصل الكذب وشبهته المصداقية ، فقد وافيناه في المكاسب المحرمة [1] ، كما أشرنا في أوائل بحوث الظن أيضا إلى شطر من الكلام [2] . فالذي يمكن أن يتشبث به هنا ، هو أن قضية العلم الاجمالي في موارد الشك ، مبطلية الكلام المشكوك كذبه ، لأنه يعلم إجمالا مبطلية قوله : أوجب الله كذا أو قوله : لم يوجب الله كذا . وربما يخطر بالبال : أن العلم الاجمالي المذكور ، ينحل باستصحاب عدم الايجاب الجاري في طرف من العلم ، فيكون الطرف الآخر مجرى البراءة ، كما في سائر موارد العلم الاجمالي . ويجوز أن يقال : بعدم جواز التمسك بالبراءة هنا في الطرف الآخر ، لأن مقتضى استصحاب عدم إيجابه تعالى ، انتفاء هذا الحكم في المحيط الاسلامي ظاهرا ، فإذا نسب إليه تعالى وجوبه فقد كذب . اللهم إلا أن يقال : إنه من الأصل المثبت ، فإن غاية ما يثبت بالاستصحاب عدم إيجابه تعالى صلاة الجمعة ، وأما كون إخبارنا بأن صلاة الجمعة واجبة من الكذب على الله ، فهو غير ممكن إلا بالأصل المثبت . نعم ، يجوز اتكالا على الاستصحاب ، انتساب مفاد القضية
[1] كتاب المكاسب المحرمة من تحريرات في الفقه مفقود . [2] تحريرات في الأصول 6 : 270 - 273 .