وإن قلنا بالخطور ، فكفاية الحكمي منه إلى آخر الشهر تحتاج إلى دليل ، وإلا فمقتضى القاعدة اعتبار النية لكل يوم . وهكذا إذا ذهل عما ارتكز لديه ، فإنه يشكل كفايتها أيضا ، لأن بقاءها الحكمي غير ناهض عليه الدليل الشرعي . ولو شك في أصل اعتبارها أكثر مما مضى ، فالبراءة محكمة . إن قلت : لو اقتضت القاعدة لزوم الاقتران بالنية ، فلا تنتهي النوبة إلى البراءة عند الشك في الكفاية . قلت : نعم ، إلا أن لنا دعوى أنها في خصوص صوم شهر رمضان مثلا ، أو أقسام الصيام المعينة الأخرى - بالتعيين الشرعي ، أو التعيين الفاعلي - تكفي النية الواحدة الواقعة في ابتداء الشهر ، لاتحاد الصوم المشترك فيه أيام الشهر ، ولا قاعدة عقلية في المقام تمنعها ، وإذا ذهب جمع إلى الكفاية ، فيعلم منه : أن للشرع تجويز الاكتفاء ثبوتا ، فتجري البراءة إثباتا . فتحصل إلى هنا : أنه مع بقاء الارتكاز في جميع الأحيان ، يصح في جميع الصور المزبورة صوم الشهر كله ، ومع عدم بقائه يمكن تصحيحه ، لأجل إمكان كون الصوم العبادي مما يصح وإن ذهل المكلف عن قصده ونيته ، لأن الصوم نوع خاص من العبادة ، فإنه يكون في النوم مغفولا عنه أصلا ، وما كان شأنه ذلك لا يضره الذهول في اليقظة أيضا ، ولا سيما مع كون الأيام متسانخة . ولا يقاس ذلك بمثل صلاة الظهر والعصر ، فإن النية في الأولى لا تكفي عن الثانية بالضرورة ، لتباينهما ، فليتأمل .