ولا يجوز أن يصلى الثانية إلى غير الجهة التي صلى إليها الأولى . نعم ، إذا اختار الوجه الأول لا يجب أن يأتي بالثانية على ترتيب الأولى .

( 1 ) فيه : أن الاستدبار وان أوجب العلم ببطلان أول ما يصلى من الثانية ، لكنه لا يوجب القطع ببطلان الثانية ، إذ رابعتها - بلا ريب - تقع بعد رابعة الأولى ، ومن المحتمل كونها إلى القبلة أو منحرفة عنها بما يعفى عنه ، فيحتمل صحة الثانية من حيث الترتيب أيضا . نعم ، لم يحرز فيها الترتيب اللازم إحرازه ، وهو مفاد الوجه الثاني . اللهم الا أن يكون المراد بهذا الوجه أنه يعتبر في الصلوات الأربع التي يؤتى بها احتياطا احتمال الصحة في كل منها ، وها هنا يعلم ببطلان الأولى من أربع الثانية ، فتدبر جيدا ( منه عفى عنه ) ( 2 ) قد يتوهم : عدم تماميته بإطلاقه ، إذ قد يمكن العلم بإحرازه على مبنى المصنف ( قدس سره ) من عدم اعتبار كون الخطوط متقابلات ، بأن يقسم الدائرة بثلاث جهات متساوية بين كل منها مائة وعشرون درجة ويجعل الجهة الرابعة بين جهتين منها ، ثم يصلى الأولى إلى إحدى الجهتين التي بينهما هذه الرابعة ، ثم الثانية على هذه الرابعة ، ثم الأولى عليها ، ثم الثانية إلى ما بعدها ، ثم الأولى إليها ، إلى أن تختم بالثانية إلى الجهة التي صلى إليها الأولى أولا ، فإنه يعلم بالترتيب حينئذ ، فإن القبلة في أي نقطة كانت فقد وقعت الصلاة الثانية غير منحرفة عنها إلى اليمين أو اليسار بعد وقوع الأولى إليها كذلك ، كما لا يخفى على المتدبر . لكن هذا التوهم مدفوع بأنه بعد الجمع بين أخبار الأربع وروايات « ما بين المشرق والمغرب قبلة » يكون المتحصل منها على مبناه ( قدس سره ) اغتفار الانحراف إلى ما دون اليمين واليسار ، الا فيما كان هاهنا جهة أخرى فلا يغتفر الانحراف حينئذ إلا بمقدار نصف ما بين الجهتين ، ولازمة أنه لو كانت القبلة في عين الجهة الرابعة المفروضة أو منحرفة عنها بما لا يبلغ النصف أن تقع الثانية إلى القبلة قبل الأولى ، فتبطل ، فتدبر واغتنم . بل يمكن التقريب بالوجه الأول أيضا ، إذ لو كانت القبلة فيها أو منحرفة بهذا المقدار كانت باطلة من حيث الترتيب ، والا فهي باطلة من حيث شرط القبلة ، فهو راجع إلى الوجه الأول بالمعنى الذي احتملناه بعد قولنا : اللهم إلخ . ( منه عفى عنه )

280