ولكن هذا لا يدل على أن كلما استعملت القامة في أي مورد يراد منها الذراع حتى إذا كانت هناك قرينة على الخلاف ، فلفظ القامة في رواية زرارة وعبد الله ابن سنان الواردتين في حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله يراد منها قامة الانسان بقرينة الذيل وما ورد من استحباب أن يكون حائط [1] قامه أو أكثر على ما قيل وبقرينة المحكي عن فقه الرضا [2] . فمن مجمع هذا يستفاد أن الحائط كان قدر قامة الانسان ، وهذا لا ينافي أن يكون المراد من القامة عند إطلاقها هو الذراع ، كما ورد التفسير بذلك في عدة من الروايات ، ويكون حينئذ جميع ما ورد من تحديد وقت الظهر والعصر بالقامة والقامتين محمول على القدمين وأربعة أقدام المتساويان للذراع والذراعين . فإن قلت : لو حملتم لفظ القامة الواردة في الروايات بالذراع ، فبم تستدلون على امتداد وقت فضيلة فريضة الظهر والعصر بالمثل والمثلين ؟ ويكون حينئذ القول بالامتداد إلى ذلك خال عن الدليل . قلت : بل يستدل على ذلك بما ورد من التحديد بالمثل والمثلين ، كما في قول الصادق عليه السلام لسعيد بن هلال : قل لزرارة إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر ، وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر [3] . وفي معناها رواية أخرى [4] ، ولا ملازمة بين أن يكون المراد من القامة هو الذراع وبين أن يكون المراد من المثل ذلك أيضا ، بل المراد من المثل هو مثل الشاخص [5] كما هو واضح .
[1] هكذا في الأصل ، والظاهر سقوط كلمة " المسجد " بعد كلمة " حائط " . [2] فقه الرضا : ص 76 . [3] فقه الرضا : ص 76 . [4] الوسائل : ج 3 ص 110 باب 8 من أبواب المواقيت ، ح 33 . [5] لكن الظاهر من رواية زرارة هو بلوغ الظل الأعم من الباقي والحادث بعد الزوال مقدار المثل ، وهذا لا يستقيم في بعض الأزمنة والأمكنة ، فإنه ربما يكون الظل الباقي أكثر من المثل ، فيلزم أن يكون وقت الفريضة قبل الزوال ، ولا يمكن حملها على خصوص الظل الحادث ، لأن قوله عليه السلام " إذا كان ظلك مثلك . . إلخ " ينافي ذلك ، فإنه لو كان المراد خصوص الظل الحادث لكان حق التعبير أن يقال : إذا صار ظلك مثلك ، كما لا يخفى ، هذا . مضافا إلى أن الظاهر من الرواية هو كون المثل والمثلين أول وقت الفريضة لا آخر ، مع أنه ما تضمنته رواية زرارة قضية شخصية لا يمكن التمسك بها . فالانصاف أنه بناء على كون المراد من القامة الذارع يكون القول بامتداد وقت فضيلة الفريضة إلى المثل والمثلين خال عن الدليل ، فتأمل " منه " .