وذلك لأن الأدلة المجوزة نص في الجواز ، لا تتحمل معنى آخر بداهة صراحة قوله عليه السلام : " لا بأس " في خبر جميل [1] المتقدم في الجواز وإن كان بالنسبة إلى نفي الكراهة ظاهر ، فإن نفي البأس ظاهر في نفيه بجميع مراتبه التي منها الكراهة إلا أن ظهوره في نفي الكراهة لا يصادم صراحته في الجواز ، وهذا بخلاف الأدلة المانعة ، إذ غايتها ظهورها في ذلك ، بداهة أن كلمة " لا " أو " لا تصلي " ليس صريحا في المنع بل أقصاه ظهورها فيه ، والظهور لا يصادم النص ، هذا مضافا إلى أن في نفس أدلة المنع ما يظهر منه الكراهة كقوله عليه السلام في صحيح الحلبي [2] " لا ينبغي " . والحاصل أن قوله عليه السلام في أخبار المنع " لا " أو " لا تصلي " إنما يدل على المنع ظهورا ، حيث إن النهي والنفي ظاهر في الحرمة النفسية في غير باب الأجزاء والشرائط والموانع في المركبات ، فإنه يكون ظاهرا في المانعية وأما قوله عليه السلام " لا بأس " كما في خبر جميل ، وقوله عليه السلام مضت صلاتها ولم تفسد على أحد " كما في خبر عيسى [3] ، فلا يكون إلا نصا في الجواز ، فلا محيص حينئذ من رفع اليد عن ظاهر النفي والنهي وحمله على الكراهة ، وإلا لزم طرح أدلة الجواز بالمرة . هذا مع ما عرفت من أن في نفس أخبار المنع ما يدل على الكراهة ، فيكون شاهد جمع ، مضافا إلى ما في الأخبار المانعة من المناقشة سندا ودلالة كما لا يخفى على المتأمل ، ومضافا إلى اختلاف الروايات المحددة لمقدار البعد بين الرجل والمرأة تارة بالشبر [4] ، وأخرى بالذراع [5] ، وثالثة بالرحل [6] ، ورابعة بكون موضع
[1] الوسائل : ج 3 ص 426 باب 4 من أبواب مكان المصلي ، ح 4 . [2] الوسائل : ج 3 ص 431 باب 8 من أبواب مكان المصلي ، ح 3 . [3] لم نعثر عليه . [4] الوسائل : ج 3 ص 427 باب 5 من أبواب لباس المصلي ، ح 1 . [5] الوسائل : ج 3 ص 427 باب 5 من أبواب لباس المصلي ، ح 3 . [6] الوسائل : ج 3 ص 429 باب 5 من أبواب لباس المصلي ، ح 11 .