لا يخطر ببال المصلي أن هناك وراء الأجزاء أمر آخر وجودي متعلق للإرادة الفاعلية . مع أن على فرض وجوده كونه هو بنفسه متعلق التكليف دون تلك القواطع محل منع أيضا بعدما كان ظواهر الأدلة على خلافه ، فإن الظاهر من أدلة القواطع كون نفس عدم تخلل تلك القواطع في أثناء الصلاة متعلقا للطلب ، فلا يمكن أن يقال : إنه يكفي استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية ، ولا حاجة لنا إلى رفع الشك في وجود القاطع أو قاطعية الموجود ، وتنظير ما نحن فيه بالمثال المتقدم ، فإن معنى ذلك هو أن متعلق التكليف مما لا نحتاج إلى إحرازه ، وما هو ليس متعلق التكليف نحتاج إلى إحرازه ، وهو كما ترى . نعم يمكن أن يقال : إن متعلق التكليف وإن كان هو نفس عدم تخلل تلك القواطع ، إلا أن المحل الذي اعتبر ذلك العدم فيه هو الجزء الصوري والهيئة الاتصالية لا الأجزاء المتبادلة المتصرمة ، وحينئذ نستصحب عدم تخلل القاطع في محله الذي اعتبر فيه ، لا أنه نستصحب بقاء الهيئة الاتصالية . ولا يرد عليه ما أوردناه في باب الموانع ، فإن الموانع حيث إنه كان محلها نفس الأجزاء المتصرمة فاستصحاب عدم تحقق المانع في الأجزاء مما لا مساس له ، لأن الأجزاء السابقة على ما هو مشكوك المانعية أو حصوله قد تصرمت وانقضت . مع أنه عدم حصوله في تلك الأجزاء مقطوع لا معنى لاستصحابه ، والأجزاء اللاحقة بعد لم توجد ، والجزء الذي في يده الذي شك في تحقق المانع فيه لم يكن له حالة سابقة حتى يقال : الأصل عدم وقوع المانع في هذا الجزء ، إذ قبل وجوده لم يكن شئ ، وبعد وجوده يكون مشكوك المصاحب للمانع ، فهو من أول وجوده وحدوثه مشكوك ، وليس له حالة سابقة حتى يقال : الأصل عدم وقوع المانع في هذا الجزء ، إذ متى كان الجزء ولم يكن مصاحبا لعدم المانع حتى يستصحب .