وأما التكاليف الوجودية المطلوب منها الوجود فكلا القسمين يمكن فيها ، فإن في مثل قوله أكرم عالم أو صل في المسجد يمكن أن يكون لوجود العالم والمسجد دخل في تحقق ملاك وجوب الصلاة ، فيكون التكليف بالنسبة إليه مشروطا فلا يجب الاكرام والصلاة عند عدم وجود العالم والمسجد ، ولا يجب على المكلف إيجادهما ولو مع تمكنه منه ، ويمكن أيضا أن لا يكون لوجود الموضوع دخل في الملاك بأن كان ملاك أكرم العالم والصلاة في المسجد ثابتا ولو مع عدم وجودهما ، وعليه يكون التكليف بالنسبة إلى الموضوع مطلقا ويجب على المكلف إيجاده مع عدم وجوده وتمكنه منه كسائر مقدمات الواجب المطلق ، ففي طرف الأوامر كل من القسمين ممكن . نعم ظاهر القضية هو أن يكون التكليف بالنسبة إلى وجود الموضوع مطلقا ، إلا أن يعلم من خصوصية المقام خلافه ، فإنه بعدما لم يؤخذ وجود الموضوع في القضية شرطا ، وقال بقول مطلق أكرم العالم وصل في المسجد ، ولم يقل إذا وجد عالم فأكرمه وإذا وجد المسجد فصل فيه ، فالظاهر يقتضي أن لا يكون التكليف مشروطا بأزيد مما يعتبره العقل في مطلق التكليف من القدرة على الامتثال وإيجاد المتعلق ، فإذا تمكن المكلف من إكرام العالم والصلاة في المسجد ولو بإيجاد العالم والمسجد ، لكان اللازم بمقتضى إطلاق القضية وعدم أخذ الموضوع فيها مفروض الوجود ، هو وجوب الاكرام والصلاة ولو ببناء المسجد وإيجاد العالم إذا مكن له ذلك . والحاصل : أن ظاهر إطلاق القضية في طرف الأوامر إذا كان المطلوب هو صرف وجود الشئ لا مطلق الوجود ، كما في مثل أكرم عالما وتوضأ بالماء وصل في المسجد وأمثال ذلك ، هو أن لا يكون التكليف مشروطا بأزيد مما يستقل به العقل في جميع التكاليف من القدرة على الامتثال ، فإذا تمكن المكلف من إكرام