وحينئذ الصف الذي يكون متحد الجهة في القبلة كلما فرض بعده عن مكة يمكن زيادة استطالته ، ويكون كل من أهل الصف محاذيا لنفس الكعبة أو الخط الخارج ولو بجزء من الجبهة . مثلا لو فرض أن الصف انعقد في مسجد الحرام فغاية ما يمكن من استطالته بحيث يكون مواجها للكعبة هو أن يكون بمقدار سعة المسجد بل أقل ، وأما لو فرض انعقاده في الحرم يمكن زيادة استطالته على وجه يكون الجميع مواجها لها ، وهكذا كلما فرضت بعد مكان الصف عن الكعبة يزدادا في استطالته ، حتى قيل : إن في العراق يمكن فرض استطالة الصف على وجه يزيد عن عشرين فرسخا ، ويكون الجميع مواجها للخط الخارج من الكعبة إلى عنان السماء ، بحيث لو فرض خروج خطوط مستقيمة من مواقف الصف فلا محالة من كل شخص يمر خط من جبهته إلى الخط الخارج من الكعبة ، ولا يعتبر في الخطوط الخارجة من المواقف أن تكون متوازية بحيث يتساوى بعد ما بين الخطين من مخرجهما إلى منتهاهما ، بداهة أنه لو اعتبرت الخطوط هكذا لامتنع اتصال الخطوط من الصف إلى الخط الخارج من الكعبة ، لصغر حجم الكعبة بالنسبة إلى الصف ولعل منشأ النقض بالصف المستطيل على من قال باعتبار مواجهة الكعبة سواء في ذلك القريب والبعيد هو هذا ، أي تخيل اعتبار أن تكون الخطوط متوازية ، ولما رأى استحالة ذلك في الصف المستطيل نقض على صاحب هذا القول بأنه يلزمه القول ببطلان صلاة بعض الصف . وأنت خبير بأنه لا نحتاج في المواجهة أن تكون الخطوط متوازية ، بل المدار على صدق المواجهة والاستقبال ، وذلك يتحقق باستقامة الخطوط الخارجة من دون حاجة إلى توازيها ، فتأمل جيدا في كلمات الأعلام حتى تعرف حقيقة الحال ، وأن المراد من الجهة في كلماتهم هو هذا المعنى ، لا الجهة بمعنى السمت والطرف مع عدم اتصال خط من المصلي إلى الخط الخارج عن الكعبة ، فإن ذلك