( وثالثة ) يكون مانعا عن تحقق ما هو موضوع التكليف ، وهذا أيضا يرجع إلى المانعية عن التكليف ، بداهة اشتراط التكليف بالموضوع فالمانع عن الموضوع مانع عن التكليف . ( ورابعة ) يكون مانعا عن تحقق المسبب الذي هو المجعول الشرعي في باب الوضع والأسباب ، كموانع تحقق الملكية والزوجية وأمثال ذلك من المجعولات الشرعية الامضائية ، فهذه جملة أقسام الموانع . وحيث عرفت سابقا أن المانعية كالسببية والشرطية والجزئية مما لا تنالها يد الجعل ، بل المجعول إنما هو منشأ انتزاع هذه الأمور ، فاعلم أن منشأ انتزاع المانعية للمأمور به والمكلف [ به ] ليس هو ثبوتا إلا تحقق تخصص المأمور وتقيده في عالم الجعل والتشريع بعدم ما فرض كونه مانعا ، بداهة أن الاهمال النفس الأمري في عالم تحقق الإرادة والجعل مما لا يعقل بالنسبة إلى الجاعل الملتفت ، ففي عالم الثبوت والواقع لا محيص إما من لحاظ تقيد المأمور به بعدم الشئ ، وإما من لحاظه مطلقا بالنسبة إلى وجوده وعدمه ، ولا يمكن أن يكون لا هذا ولا ذاك ، وإلا لزم الاهمال الواقعي الذي عرفت استحالته . والحاصل : أن في مقام تأليف الماهية وتشريعها إما أن يلاحظها الشارع مقيدة بأمر وجودي ، وإما أن يلاحظها مقيدة بأمر عدمي ، وإما أن يلاحظها مطلقة ، ولا رابع لهذه الأقسام . واختلاف اللحاظ بحسب هذه الأقسام إنما يكون من أجل اختلاف الماهية بحسب انطباق الملاك عليها ، فتارة يكون الملاك منطبقا عليها مطلقا بالنسبة إلى الانقسامات اللاحقة لها ، وأخرى لا ينطبق الملاك عليها إلا على وجه خاص من انضمام أمر وجودي إليها أو عدمي ، ومن المعلوم أن الجاعل لا بد في مقام اللحاظ والجعل من ملاحظة الماهية على الوجه الذي ينطبق عليها الملاك ، وإلا كان ذلك