العدمية الانحلالية يكون لوجود الموضوع دخل في تحقق الملاك . بل في التكاليف الوجودية الانحلالية يكون الأمر كذلك أيضا ، إذا الظاهر من قوله أكرم كل عالم أن يكون لوجود العالم في الخارج دخل في تحقق ما هو مناط الحكم ، ويلزمه قهرا تبعية الحكم لوجود الموضوع ، فلازم الانحلالية أن يكن الحكم مشروطا بوجود الموضوع ، كما أن لازم صرف الوجود عكس ذلك ، وأن الظاهر في مثل قوله أكرم عالما هو أن لا يكون التكليف مشروطا بأزيد مما يقتضيه العقل من القدرة على الامتثال كما تقدم تفصيله . فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن الأصل في باب النواهي هو أن يكون التكليف انحلاليا إلا أن تقوم قرينة على خلاف ذلك ، ويلزمه قهرا اشتراط التكليف بوجود الموضوع ، وأن الأصل في باب الأوامر أن يكون المطلوب صرف الوجود وعدم اشتراطه بتحقق الموضوع إلا أن تقوم قرينة على خلاف ذلك . الأمر الرابع : بعد ما عرفت الانقسامات المتصورة في طرف الأمر والنهي ، يقع الكلام حينئذ في بيان حال الشك ، وأنه في أي مورد يرجع الشك إلى الشك في التكليف ، وفي أي مورد يرجع الشك إلى الشك في الامتثال . وقبل بيان ذلك لا بد من بيان ما هو الضابط في رجوع الشك إلى أحد القسمين ، فنقول : إن ضابط الشك في التكليف هو أن يرجع الشك إلى مرحلة فعل الآمر وما هو الصادر عنه في مقام أمره وتحقق الطلب منه ، ففي كل مرحلة يرجع الشك إلى مرحلة أصل الطلب ، ولو باعتبار سعة دائرة الطلب وضيقه يكون الشك شكا في التكليف ، وضابط الشك في الامتثال هو أن يرجع الشك إلى الشك في تحقق الفعل والترك المطالب به ، مع تبين التكليف وما هو الصادر عن الآمر .