قيمة الدار ، وهل يمكن أن يدعي أحد أن معرفة الصائغ مقدار الغش يكون حدسيا والحاصل : أن الضابط في الحسيات أن تكون مأخوذة من مباد حسية وإن احتاجت إلى إعمال نظر في استخراجات المحسوسات ، إذ ليس كل محسوس مشاهدا بالبصر ، بداهة أن معرفة هذا الحامض وأنه من ماء النارنج أو الحصرم يحتاج إلى إعمال نظر مع أنه من المحسوسات ، فالقول بأن علم الهيئة مبني على الحدسيات في غاية الوهن والسخافة . وعليه لا إشكال في حجية البينة إذا كان مستندها العلائم المنصوبة المستخرجة من الهيئة ، نعم لو كان مستندها أمورا أخر اجتهادية تكون حينئذ في عرض الظن المطلق إذا أفاد من قولها الظن ، ولا وجه حينئذ لتقدمها عن الظن الحاصل باجتهاد نفس المكلف كما لا يخفى . فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن العلم والعلائم والبينة تكون في عرض واحد ومقدمة على الظن المطلق ، كما أنها مقدمة على الامتثال الاجمالي من الصلاة إلى أربع جهات ، بناء على أن الامتثال التفصيلي مقدم على الامتثال الاجمالي كما بين في محله ، وكما أن البينة تكون مقدمة على الامتثال الاجمالي كذلك الظن الحاصل بالاجتهاد في مورد اعتباره يكون مقدما على الامتثال الاجمالي ، لأن الظن يكون حينئذ حجة شرعية ، والامتثال به يكون امتثالا تفصيلا فيقدم على الامتثال الاجمالي وما يظهر من خبر خراش [1] من نفي اعتبار الاجتهاد وأن الحكم عند تعذر
[1] وهو أنه قال للصادق عليه السلام : جعلت فداك إن هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا أطبقت السماء علينا أو أظلمت فلم نعرف مما كنا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال عليه السلام : ليس كما يقولون ، إذا كان ذلك فليصلي إلى أربع وجوه * . " منه " . * - الوسائل : ج 3 ص 226 من أبواب القبلة ، ح 5 وفيه اختلاف يسير .