أظهر أنّه لا يدري بالواقع ، فيحتاط لذلك لأجل التقيّة ، فإنّ الذي يتّقى منه جعل مذهب وتأسيس أساس في قبال العامّة ، وأمّا مجرّد أنّه لا يدري فلا تتولَّد منه فتنة . والحقّ أنّ التقريب الأوّل لا مسرح له في الرواية ، فإنّه كيف يمكن حمل الجواب على الشبهة الموضوعيّة مع شدّة تكرار السائل الفقرات الشاهدة بطريق القطع بحصول الاستتار ، فأيّ تقيّة يحصل لو قال السائل : هذا الاحتياط لأجل أيّ شيء ، إن كان لأجل احتياط الاستتار ، فقد فرضت الجزم بتحقّقه ، فما معنى الاحتياط لأجله ؟ فلم يبق إلَّا لأجل الاحتياط في الحكم ، وهو الذي يتّقى منه . وأمّا التقريب الثاني فالإنصاف عدم كونه مرضيّا ، فإنّ الإمام عليه السّلام كان يصلَّي عند سقوط القرص ، فإن كان أداء التقيّة ممكنا بما ذكر تعيّن أن يصبر ويقول : إنّي غير عالم بالواقع ، وأريد أن أحتاط ، مع أنّه لم يعهد في مورد من الموارد صدور التقيّة بإظهار الجهل بالواقع وإرادة الاحتياط . وإذا انسدّ باب التقيّة للإمام في هذه المكاتبة تعيّن أن نقول : إنّ قوله عليه السّلام : وتأخذ بالحائطة إلخ ليس كبرى لقوله عليه السّلام : أرى لك أن تنتظر ، حتّى يكون المعنى : الانتظار أراه لك ، لأنّه احتياط للدين ، بل هو فقرة مستقلَّة وحكم مستقلّ ، فإنّه بعد أن حكم وأوجب عليه الصبر إلى ذهاب الحمرة أراد أن ينبّهه أنّ الصبر لا بدّ أن لا يكون مثيرا للفتنة ، كأن يكون بمشهد منهم بحيث يظهر عندهم أنّ لك مذهبا غير مذهبهم ، بل الصبر لا بدّ وأن يكون في غير مشهدهم ، أو في مشهدهم لكن لا بعنوان أنّه مذهبه ، بل بعنوان أنّه مبتلى بشغل مهمّ والتأخير جائز ، فيرى نفسه مشغولا بفعل ويرى أنّ التأخير لأجل هذا الاشتغال ، وإلَّا كان هو أيضا مبادرا إلى الصلاة مثلهم ، ثمّ إذا حصل الذهاب بادر إليها ، فمقصود الإمام عليه السّلام تقيّة السائل ، يعني إنّك لا بدّ لك الصبر ، ولكن مقرونا بالاحتياط والمحافظة لدينك ومذهبك ، لا أنّه عليه السّلام