الوقت بمقدار ثمان ركعات لو تيمّم وبمقدار أربع لو توضّأ فهل المستفاد من الرواية تخصيصه بالعصر وإتيان الوضوء ، أو أنّ اللازم هو التيمّم والجمع بينهما ؟ قد يقال : حال آخر الوقت كحال أوّله ، فكما أنّ المراد باختصاص الأوّل بالظهر هو مقدار أدائه مع الشرائط الاختياريّة ، فكذلك الحال في جانب الآخر . وعلى هذا فلا يبقى المجال لمراعاة أهمّية الوقت من الطهارة المائيّة - مثلا - وسائر الشروط الاختياريّة إذا دار الأمر بينهما ، وذلك لأنّه فرع إحراز المقتضي وإطلاق المادّة في كلا الطرفين وهو غير معلوم في جانب الوقت ، بل المستظهر عدمه وأنّ الوقت للظهر بحسب الاقتضاء والتشريع مخصوص بهذا المقدار ، فلا وجه لملاحظة المزاحمة ، هذا ما ربما يقال . ولكن يمكن أن يقال : إنّ دليل تشريع التيمّم وسائر الأبدال الاضطراريّة موسّع للوقت وحاكم على دليل الاختصاص ، لأنّ مفاد تنزيل تلك الأبدال منزلة الشروط الاختياريّة أنّه متى يفوت الوقت من قبل رعاية تلك الشروط فهذه الشروط ساقطة ، ومعنى هذا أنّ الوقت باق غير فائت . وحينئذ نقول : نحن وإن كنّا لو راعينا الطهارة المائيّة أو تحصيل الستر أو طهارة البدن واللباس مثلا خرج الوقت إلَّا بمقدار أربع ركعات ، ولكن لو اكتفينا بالتيمّم أو بالصلاة عاريا أو مع النجاسة لأدركنا من الوقت ثمان ركعات ، فلو لم يكن في البين دليل التنزيل لكنّا مشمولين للرواية الثانية من الروايتين المتقدّمتين ، فإنّه يصدق في حقّنا أنّا نخاف فوت إحدى الصلاتين ، ولكن بعد ملاحظته يصدق في حقّنا الموضوع الآخر ، أعني : لا يخاف فوت إحدى الصلاتين ، فيشملنا قوله : « فليصلّ الظهر ثمّ يصلَّي العصر » [1] .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 4 من أبواب المواقيت ، الحديث 18 .