والحاصل : فرق بين مشروطيّة الخطاب والتكليف وبين احتياج العمل والإيجاد الخارجي إلى مقدّمات ، فالمقصود بالاشتراك وأنّ وقتا كذا وقت للواجب أنّ الوجوب يصير بدخول هذا الوقت فعليّا ، لا أنّه يصلح لإيجاد العمل فيه . فكما أنّ احتياج المصلَّي إلى تحصيل الستر والطهارة ومعرفة القبلة وسائر المقدّمات لا يمنع من كون وقت الصلاة أوّل الزوال بالنسبة إلى الظهر ، كذلك بالنسبة إلى العصر ، غاية الأمر أنّه مضافا إلى هذه الأمور يحتاج إلى مقدّمة أخرى وجوديّة وهي سبق الإتيان بالظهر حتّى يتحقّق العصر المتّصف بكونه بعد الظهر . فعدم إمكان إدراجه في أوّل الزوال لأجل اختلال وصف بعديّة الظهر فيه ليس إلَّا كعدم إمكان إتيانه لفاقد الشرائط الأخر ، فكما لا يمنع ذلك عن وقتيّة الزوال بالنسبة إليه كذلك هنا . فعلم ممّا ذكرنا أنّ بعض الوجوه التي تمسّك بها في هذا المقام لإبطال القول بالاشتراك من عدم المعقوليّة ليس في محلَّه ، وإلَّا فكيف يتصوّر الاشتراك بينهما بالنسبة إلى ما بعد مضيّ الأربع ركعات من أوّل الزوال . وحينئذ نقول : قد وردت الأخبار الكثيرة كلَّها بمضمون أنّه : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر » [1] وفي بعضها زيادة قوله عليه السّلام : « إلَّا أنّ هذه قبل هذه ، ثمّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشمس » [2] . وليس بإزاء هذه الأخبار الكثيرة الظاهرة في اشتراك الوقت بينهما من أوّل الزوال إلَّا خبر واحد ، وهو رواية داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 4 من أبواب المواقيت . [2] المصدر ، الحديث 5 .