غير متعلَّق للأمر ، والذي هو المأمور به أعني : أصل الطبيعة لم يؤثّر فيه إلَّا الداعي الإلهي ، بل الأوامر المتعلَّقة بالطبائع لا تزال مقرونة بدواع أخر متعلَّقة بالخصوصيّات ، ضرورة أنّها لا يعقل داعويّتها بغير ما تعلَّقت به ، وهذا واضح . فلا ينبغي الإشكال في حصول القرب المعتبر في العبادة في هذا القسم ، وكذا لا ينبغي الإشكال أيضا في ما إذا كانت الطبيعة المأمور بها حاصلة بدعوة الأمر وكانت هناك طبيعة أخرى نسبتها معها نسبة العموم من وجه ، وكانت هي موردا لغرض من الأغراض المباحة ، فأوجد المكلَّف المصداق الذي هو مجمع العنوانين بدعوة هذين الداعيين ، فإنّ إيجاد هذا المجمع أيضا وإن كان لشركة الداعيين ، إلَّا أنّ كلَّا منهما له محلّ ممتاز عمّا هو محلّ الآخر ، فمحلّ الآخر طبيعة ، ومحلّ ذلك الغرض المباح طبيعة أخرى وإن اجتمعا في الوجود الخارجي . كما لو كان له غرض في إصابة الماء البارد جسده وإن لم يكن هناك أمر بالتوضّؤ أو بالغسل ، ولكن لا يفرق بين أنحاء الإصابة من كونها في خصوص الوجه واليدين بالكيفيّة الخاصّة ، ولكن يعتبر في حصوله برودة الماء ، وأمّا أمر الشارع بالتوضّؤ فقد اعتبر فيه خصوصيّة الوجه واليدين مع الكيفيّة المقرّرة بدون اعتبار برودة الماء ، فإذا أتى بالغسل بالوجه المقرّر في الوضوء بالماء البارد فقد أثّر كلّ من الداعيين في محلّ مخصوص به ، أمّا الأمر الوضوئي فقد أوجد إتيان الغسل الوضوئي مع نيّة التقرّب ، وذلك الغرض المباح أوجد إصابة البدن للماء البارد . وبالجملة فهذا الخاصّ الموجود في الخارج مجمع لعنوانين ، وأحد العنوانين مأمور به ولم يؤثّر فيه غير أمر الشارع ، والعنوان الآخر الذي حصل بغير الداعي الإلهي ليس بمأمور به . إن قلت : نعم ، ولكنّ الجامع المشترك بين العنوانين وهو مطلق إصابة الماء