حصل ، فلا مجال للإتيان ثانيا ، وليس هذا بمثابة نقل الراوي بهذه الكلمة فعل الجمع عن النبيّ أو الإمام صلَّى الله عليه وآله حتّى يقال : إنّه ليس بأزيد من نقل فعل ، ولا نعلم على أيّ وجه وقع ، ولعلَّه كان للتسهيل . مضافا إلى ما ورد في خصوص عشاء المزدلفة من أنّ هذا أعني : الاكتفاء بأذان المغرب لها وإتيانها معجّلا بعدها هو السنّة ، وعلى هذا فيكفي في عدم رجحان الأذان مطلقا للصلاة الثانية في مطلق صور الجمع عدم الدليل . والثاني : ما ورد من المضمون المتقدّم ، أعني : أنّ الجمع يكون فيما إذا لم يكن تطوّع ، وإذا كان فلا جمع بالتقريب المتقدّم ، ومنه يظهر أيضا المراد بالجمع الذي موجب لسقوط الأذان عن الرجحان وأنّه ينتفي بمجرّد فعل النافلة ، نعم بفعل التعقيب فقط لا ينتفي ما لم يحصل الفصل الطويل الذي يصدق معه التفريق عرفا . ولكن ليعلم أنّ قضيّة كلا الأمرين ليس إلَّا عدم الرجحان للفعل ، لا الحرمة الذاتيّة ، فالإتيان به عند الجمع لا بقصد التعبّد لا مانع منه على كلّ حال ، لكن في غير السلس والمستحاضة ، فالاحتياط فيهما يكون بالترك ولو فرض عدم الدليل على عدم المشروعيّة ، ولهذا يكون الاحتياط في حقّهما هو الترك في الإقامة أيضا ، بل في الأذان والإقامة معا للصلاة الأولى ، ولكلتا الصلاتين في صورة التفريق ، وذلك لأنّ الحكم بعدم الحدثيّة على بول السلس ودم المستحاضة القدر المتيقّن منه حال الصلاة ، فيبقى ما كان منه في حال الأذان والإقامة بلا دليل على عدم الحدثيّة . لكن هذا مع عدم الترخيص بفعل الأذان والإقامة ، وقد ورد في حقّ السلس الترخيص بإتيان الصلاتين جمعا بأذان وإقامتين ، وأمّا بالنسبة إلى المستحاضة فلم نعثر على النصّ ، فالاحتياط بالنسبة إليها يقتضي المبادرة بعد غسلها إلى الصلاة الأولى ، بلا تخلَّل أذان وإقامة ، وكذلك بعدها إلى الصلاة الثانية كذلك ، بل وبلا تخلَّل وضوء بين الصلاتين ، لما ذكر من الوجه ، والله العالم .