بدونهما ، والله العالم . إن قلت : الأفضليّة إنّما لوحظت بالنسبة إلى التبعيض بين الصلوات بإتيان الأذان والإقامة معا في الفجر والمغرب والاقتصار على الإقامة في الثلاثة الباقية ، فالمفضّل عليه هذا ، والمفضّل هو الإتيان بهما معا في جميع الصلوات ، وعلى هذا فيكون من باب أفضليّة أحد أفراد الطبيعة المأمور بها ، نحو قولك : التصدّق بهذا الدرهم واجب ، وبهذا وذاك أفضل ، وليس في هذا مخالفة ظاهر في كلمة الواو . قلت : في هذا المثال أيضا لم يفد الواو المعيّة في الوجود ، بل في الحكم ، غاية الأمر أنّ الأفضليّة حكم للتصدّق لا للدرهمين ، وحكمهما هو التصدّق . وإن شئت المثال المناسب للمقام فلاحظ قولك : إكرام زيد وإكرام عمرو أفضل من إكرام بكر ، فهل ترى أنّ معنى الكلام أنّ مجموع الإكرامين من حيث الاجتماع أفضل ، أو أنّ المعنى أنّ كلا منهما أفضل ؟ لا أظنّك تقول بالأوّل . وحينئذ نقول في المقام : إنّ المفضّل عليه هو الصلاة الخالية عن الأذان في حكم أفضليّة الأذان ، والصلاة الخالية عن الإقامة في حكم أفضليّة الإقامة . والقرينة على هذا موثّقة سماعة حيث قال عليه السّلام بعد الحكم بنظير ما في صحيح صفوان : والأذان أفضل ، ولا شكّ أنّ معنى هذه الكلمة ليس أنّ ضمّ الأذان أفضل حتّى يكون المفضّل عليه هو الصلاة مع الإقامة بلا ضمّ الأذان ، بل المعنى أنّ نفس الأذان بالنسبة إلى الصلاة الخالية عنه أفضل ، فإذا عطفنا على الأذان الإقامة وقلنا : الأذان والإقامة أفضل ، وراعينا ظهور كلمة الواو في الاشتراك في الحكم لا المعيّة في الوجود صار المعنى أنّ الإقامة أيضا حالها كالأذان في أنّها أفضل بالنسبة إلى خلوّ الصلاة عنها ، فكلّ من الأمرين إنّما فضّل على فقدان نفسه في الصلاة بدون ملاحظة صاحبه ، فكأنّه قيل : الأذان في جميع الصلوات أفضل من حالة خلوّ الصلاة عنه ،