والثاني : أن يكون الأصل في المنع هو الثمرة ، وإنّما عبّر في الأخبار الأول بالمأكول بملاحظة انحصار أفراد الثمار غالبا في المأكول ، وندرة ما كان منها غير مأكول . ويمكن أن يمنع شمول كلمة الثمرة في لغة العرب لمطلق ما تحمله الشجرة ولو كان ممّا لا ينتفع به ، بل خاصّة بما كان ممّا ينتفع به فائدة معتدّا بها ، فليس الشوك والحنظل من أفراد هذا المفهوم . ويؤيّد ذلك استعمالاته المجازيّة كما يقال : فلان ثمرة فؤادي ، أو أنّ الأمر الفلاني مثمر لكذا ، وكلّ ذلك يستعمل في مقام الاستفادة والاستنفاع بالشخص أو بالشيء . وعلى هذا فلفظة « الثمرة » أخصّ مطلقا من المأكول ، فإنّ مفاد أحد الخبرين أنّ ما لا يجوز السجود عليه من النبات منحصر في المأكول ، ومفاد الآخر أنّه منحصر في الثمر ، والثاني أخصّ مطلق من الأوّل ، فمقتضى القاعدة تخصيص الأوّل بالثاني . اللَّهمّ إلَّا أن يتشبّث بذيل التعليل المتقدّم عن العلل لعدم جواز السجدة على المأكول والملبوس بأنّ « أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله عزّ وجلّ ، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغترّوا بغرورها » [1] . فإنّ مفاد هذه العلَّة أنّ كلّ ما كان مأكولا لا يجوز السجود عليه وإن لم يكن
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه ، الحديث 1 ، والباب 17 من هذه الأبواب ، الحديث 1 .