وممّا يدلّ على التفصيل ما رواه الشيخ بطريق صحيح عن ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السّلام « في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة ، قال عليه السّلام : يصلَّي عريانا قائما إن لم يره أحد ، فإن رآه أحد صلَّى جالسا » [1] . وما رواه البرقي في المحاسن عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمّد بن أبي حمزة عن عبد الله بن مسكان « عن أبي جعفر عليهما السّلام في رجل عريان ليس معه ثوب ؟ قال عليه السّلام : إذا كان حيث لا يراه أحد فليصلّ قائما » [2] . والمشهور على ما حكي عنهم ذهبوا إلى التفصيل بين الأمن عن المطَّلع المحترم وعدمه ، واستفادة هذا من الأخبار المذكورة يبتني : أوّلا : على حمل الطائفتين المطلقتين على الطائفة المفصّلة كما هو ديدنهم من حمل المطلق على المقيّد ، بل يظهر من بعض كلمات شيخنا المرتضى الأنصاري قدّس سرّه أنّه من باب الورود لتقوّم ظهور المطلق بعدم البيان ولو منفصلا ، فالمقيّد ولو كان منفصلا يكون واردا على المطلق ، لكونه بيانا . وثانيا : على حمل قوله عليه السّلام : إن لم يره ، وقوله : إن رآه ، على شأنيّة ذلك ومعرضيته حتّى ينطبق على تفصيلهم بين الأمن وعدمه ، ولو حملناهما على ظاهرهما من الرؤية وعدمها الفعليين لا ينطبق ، إذ يحصل حينئذ للمكلَّف ثلاث حالات : العلم بالرؤية حالا أو استقبالا ، أعني بأنّه سيجيء الرائي في أثناء الصلاة ، والعلم بعدمه ، والشكّ بينهما ، فيتعيّن في الأخير أن يصلَّي صلاتين إحداهما قائما والأخرى جالسا قضيّة للعلم الإجمالي . وأمّا على ما ذكروه فليس له إلَّا حالتان ، فإنّه مع العلم بالعدم مأمون ، ومع
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 50 من أبواب لباس المصلَّي ، الحديث 3 . [2] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 50 من أبواب لباس المصلَّي ، الحديث 7 .