حقّق في الأصول في التوفيق بين الحكم الواقعي والظاهري ، ولا يلزم تخصيص عنوان الناسي ، إذ الخطاب شامل له في ضمن عنوان عامّ وهو جامع المكلَّف في قوله تعالى * ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) * وإنّما خرج عنه بالتخصيص العقلي حسب الفرض من اختيار القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي صورة عدم العذر عن الحرام الواقعي ، وأمّا مع العذر بنحو الترتّب فلا مانع منه . وثانيا نقول : لا نحتاج في العبادة إلى وجود الأمر ، بل يكفي موافقة الغرض المطلوب للمولى ، بحيث لولا المانع في أمره لأمر به ، إذا المفروض أنّ الفعل الخارجي جامع الشرائط والأجزاء الشرعيّة ، ولهذا لو كان توصّليّا لوفى بالغرض بلا إشكال . وإنّما الكلام تمامه في تصحيح الشرط القلبي وهو نيّة القربة وحصول القرب للفاعل بواسطة الفعل ، وهو أمر يرجع في تشخيص مصاديقه إلى العرف والعقلاء ، ونحن لا نشكّ في أنّ العرف والعقلاء حاكمون في مثل المقام ممّا كان المأتيّ به ذا وجهين بأحدهما محصّل لنتيجة سيّئة ، وبالآخر لنتيجة محبوبة مرغوبة ، وفرضنا أنّه لم يؤثّر وجهه الأوّل في تحطيط منزلة العبد عند المولى ولا أحدث تفاوت حال له في ساحته ، لكونه غافلا عن هذا الوجه ، وإنّما دعاه إلى الفعل وجهه الثاني في أنّ هذا القصد يوجب قربه ، بمعنى أنّ هذا الفاعل إذا لوحظ مع التارك ليسا بمرتبة واحدة عند العقل ، لا بمعنى استحقاق الأوّل على المولى شيئا ، كلَّا والعبد وما في يده لمولاه ، بل بمعنى أنّه لو أراد المولى تفضّلا وأنعاما فلو قدّم الثاني على الأوّل في جعله موردا لإنعامه وإكرامه كان قبيحا ، فإذا تحقّق الحسن الفاعلي والفعلي فلا محالة يتحقّق القرب بالمعنى المذكور عند العقل ، ولا وجه لعدم حصول الحسن الفاعلي بعد أنّ الجهة المقبحة ساقطة عن تأثيرها في تقبيح العبد وتحطيط درجته ، كما أنّ الحسن الفعلي محلّ الوفاق بين المجوّز والمانع في مبحث اجتماع الأمر والنهي .