فنقول : هذا تقييد منفصل ، فالمتيقّن تقييده بالنسبة إلى العالم بالجهة العرفيّة تفصيلا ، وأمّا من تردّدت عنده بين نقطتين متمايزتين ممّا بين المشرق والمغرب فالإطلاق لم يعلم تقييده بالنسبة إليه ، فأيّ مانع من القول بكفاية الصلاة له إلى أيّة من نقاط هذا الحدّ . ولكن فيه عدم الإطلاق ، وذلك لوروده عقيب قوله عليه السّلام : لا صلاة إلَّا إلى القبلة ، فمن المحتمل أنّه كان في البين قرينة متّصلة وخفيت علينا ، أو أنّه كان في مقام جعل ما بين المشرق والمغرب هو القبلة المطلقة التي لا يصحّ الصلاة بدونها في حال من الحالات ، فليس لها إطلاق . وبعبارة أخرى : الرواية بصدد عدم الإعادة لمن انحرف بهذا القدر نسيانا ، والإعادة لمن انحرف بالزيادة عليه بأيّ نحو كان ، ولا يدلّ على جواز هذا القدر ابتداء ومن أوّل الشروع في الصلاة متعمّدا . وقد يقال بحجّية الظنّ المطلق في هذا الفرض تمسّكا بموثّقة سماعة المتقدّمة في باب المواقيت المشتملة على قوله عليه السّلام : اجتهد رأيك وتعمّد القبلة جهدك . ولكنّك عرفت ما يوهن حملها على ما يشمل اشتباه القبلة ، ويقرب اختصاصها باشتباه الوقت ، فراجع . والأولى الاقتصار في المقام على التمسّك بصحيحة زرارة : « يجزي التحرّي أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة » [1] . ودلالتها كالصريحة في جواز الاجتزاء بالتحرّي والاجتهاد في القبلة عند عدم التمكَّن من العلم ، والنسبة بينها وبين ما دلّ على الصلاة لأربع وجوه
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 6 من أبواب القبلة ، الحديث 1 .