والثاني : أن يكونا داخلين في موضوعين ، وحيث إنّ الأوّل ينافيه المقدّمة الثانية يتعيّن الأمر في الثاني ، فإنّه لا منافاة فيه معها أصلا ، كما هو واضح . المقام الثالث [ في تعيين الوجوب والندب ] : هل اللازم في باب العبادة كون الداعي إلى العبادة هو الأمر الشخصي بالفعل المخصوص ، بحيث كان خصوصيّة كون الأمر وجوبيّا أو ندبيّا وكون العمل فعل الجمعة أو الظهر مثلا معلوما تفصيلا حين العمل للفاعل عند التمكَّن منه ، فلو فعله لا بهذا الداعي إمّا للجهل التفصيلي في وصف الأمر وأنّه الوجوب أو الندب ، وإمّا للجهل التفصيلي بمتعلَّقه وأنّه الظهر أو الجمعة مثلا ، فلا يكون مجزيا ، كما لو أخلّ بأصل داعويّة الأمر وأتى بداع شهواني ؟ والمقصود بالبحث في هذا المقام هو الجهة الأولى ، أعني : اعتبار العلم التفصيلي بوصف الطلب من الندبيّة والوجوبيّة ، وأمّا الجهة الثانية فنبحث عنها إن شاء الله تعالى في المقام الرابع . فنقول وعلى الله التوكَّل : لا نرى من وجداننا مانعا عن حصول القرب المعتبر في باب العبادة للفاعل التارك مع التمكَّن للفحص عن خصوصيّة كون أمر المولى بالفعل الكذائي وجوبيّا أو ندبيّا ، ولكنّه أتى بذلك الفعل إمّا بداعي شخص الأمر الواقعي المعلوم عند الله ، إن ندبا فندب ، وإن وجوبا فوجوب ، أو بداعي جامع الطلب والرجحان المعلوم عنده أيضا ، فإنّه عند العقلاء يكون مطيعا ممتثلا لأمر المولى ، ولا يجعل جهله الممكن إزالته مانعا عن حصول الإطاعة والامتثال ، فإنّه متحرّك بتحريك الأمر ، ويكفي هذا في احتساب العمل إطاعة . نعم ربما يقال : إنّ عدّه إطاعة بهذا الوجه إنّما يصحّ لو أحرز من حاله أنّه