أن السبب لا يتخلف عن تأثيره في المسبب بخلاف الطرق فقد تتخلف عن الإصابة للواقع ، قال : ( إن الشارع قد جعل السبب في الظاهر سببا للأثر فيه على وجه لم يتخلف عن مقتضاه بخلاف الطريق ، فإنه قد جعله طريقا مع تخلفه إذ التصرف قد يجامع غير الملك ، بخلاف البيع الصحيح بحسب الظاهر ، فإنه لا يتخلف عن أثره فيه كالسبب في الواقع . وإن أبيت عن ذلك وفرضت صورة يختلف فيها الشهادة بالسبب وبأثره ، لم تجوز الشهادة بالأثر أيضا ، بل لا بد فيها إذا كانت عند الحاكم من الشهادة بالسبب نفسه . ولعله لذا أوجب الأصحاب ذكر السبب في الشهادة بالجرح ولم يجوزوا الشهادة بالأثر ، لاحتمال كونه غير مسبب عند الحاكم ، وليس هو إلا التجنب عن التدليس والتلبيس ونحوهما ، ومنه المقام حتى مع عدم المعارض أيضا لأن الشهادة بالأثر تقطع معارضة الخصم لو أرادها ، والفرض أن واقع الشاهد غيره ، أو على غير ذلك مما يوافق القوانين الشرعية . قال : ومن ذلك يعرف أنه لا وجه لما في المسالك من دعوى موافقة الخبر المزبور للقوانين الشرعية ، إذ من المعلوم أنها تقتضي كون الشاهد لا يشهد بعلم ، وإلا على مثل الشمس ومثل الكف ، والفرض أنه يشهد بمشكوك فيه أو مظنون العدم ، وإن جوز الشارع شراءه ممن في يده كذلك ، لكن ذلك لا يقتضي الشهادة بملكيته له ، إذ من المعلوم أن الشارع لم تكن له حقيقة شرعية في الشهادة ولا مراد شرعي ، بل هي باقية على المعنى الذي هو الاخبار الجازم على الوجه المخصوص ، فأي مدخلية للثبوت الشرعي في تحقق معناها العرفي نعم إذا أراد الشهادة على مثل الشمس يشهد بالتصرف نفسه وباليد نفسها ، فيحكم الحاكم بمقتضاها .