معصية الأمر بالتوبة عن المعصية . وأما الشرع فقد جعل معصية الأمر بالتوبة عن المعاصي معصية صغيرة لا يعاقب عليها مع ترك المعاصي الكبيرة ، قال الله عز وجل : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) فإن أصر على الترك للتوبة كانت المعصية كبيرة كسائر الصغائر . والحاصل : أن وجوب التوبة حكم شرعي مولوي ، ولكن لا دليل من الشرع على أن مخالفته معصية كبيرة ، كما لا حكم من العقل على استحقاق العقاب على مخالفة هذا الأمر ، كما يحكم باستحقاقه على ارتكاب نفس المعصية المنهي عنها ، وإلا لزم التسلسل . ثم إن التوبة تتحقق بمجرد الندم على المعصية [1] ، والعزم على عدم العود إليها ، فهذا حقيقة التوبة ، لكن قبولها مشروط ، كما أنها تكمل بأمور منها الاستغفار . وتفصيل ذلك : إن الذنب قد يكون خاليا من حق لله والعباد ، فهنا لا شئ عليه سوى الندم والعزم ، وذلك كالنظر إلى الأجنبية ونحوه ، وقد يكون فيه حق لله ، مثل ترك الصلاة مثلا ، فالواجب عليه الندم والعزم ، ولا تقبل هذه التوبة إلا بقضاء الصلاة ، وقد يكون فيه حق للعباد ، فقبول توبته يتوقف على أداء الحق إلى مستحقه سواء كان مالا أو دية ، وقد يكون فيه حق الله والعباد كالسرقة ، فلا بد من القيام بالحقين حتى تقبل توبته . ولو عصى معصية مستتبعة للحد الشرعي وليس فيها حق للعباد ولم يعلم
[1] تاب إلى الله أناب ورجع عن المعصية إلى الطاعة . كذا في التاج وغيره ، فليس فيه العزم على عدم العود وغيره ، نعم ذلك مقتضى الملازمة العرفية .