لكن دليل " تدرأ الحدود بالشبهات " متقدم بالحكومة على المرسلة وعلى أدلة نفوذ الحكم لو لم نقل بانصرافها في خصوص الحد كما ذكرنا فالأقوى ما ذهب إليه المحقق . وإن كان حقا . . فقد قال المحقق : ( وفي نقض الحكم في ما عدا ذلك من الحقوق تردد ) . أقول : يحتمل أن يكون مراده من " ما عدا ذلك من الحقوق " الآثار الشرعية التي تترتب تبعا للحكم بالحد ، ويحتمل أن يكون مراده " الحق " في مقابل " الحد " وهذا هو الأظهر . ومنشأ تردد المحقق بناءا على الاحتمال الثاني ما ذكره الشهيد الثاني حيث قال : " إن كانت الشهادة في مال استوفى ، لأن القضاء قد نفذ فيه وليس هو مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع . وفيه وجه آخر : أنه لا يستوفى لأن الحكم لم يستقر بعد ، والظن قد اختل بالرجوع " وكذا في كشف اللثام لكن ظاهرهما ترجيح الوجه الأول ويدل عليه مرسلة جميل . ومنشأ تردده بناءا على الاحتمال الأول دلالة المرسلة على عدم النقض من جهة ، ومن جهة أخرى : إن الرجوع يوجب الشك في وقوع الحكم طبق الموازين ، فكما ينقض بالنسبة إلى الحد كذلك ينقض بالنسبة إلى الآثار . هذا أولا . وثانيا : إن الحد والآثار كليهما معلولان لعلة واحدة فكيف التفكيك بينهما ؟ والجواب : أما عن الأول فبأن الآثار الأخرى عدا الحد ليس مما يسقط بالشبهة ، فإن الدليل خص ذلك بالحد فقط . وأما عن الثاني فبأنه لا تلازم بين الأمرين ، بل الحد والآثار التابعة حكمان شرعيان ، فلا من امتثالهما لأدلة نفوذ حكم الحاكم ، لكن الحكم قابل للتخصيص ، وقد ورد المخصص في خصوص الحد دون الآثار ، فالحكم بالنسبة إليها باق على حاله .