هذا القصد يجب عليه أداؤه ذلك لأنّ الأمر بأداء الدين كالأخذ منه بل هو الأخذ حقيقة لعدم الفرق بين أن يكون الأخذ بيده أو بيد دائنه أو غيره ، وعلى هذا تشمله قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي .
وأنت خبير بأنّه لا ينطبق عليه عنوان الاستقراض وإن قال صاحب الجواهر « فيكون حينئذ بالأداء كالقرض عليه » ولا يكون الضمان على الآمر لأنّه ينتفع به كما في المسالك فقال « حيث يرجع عليه إن أدى دينه منفعة لا محالة ، وإلقاء المتاع قد يقضي إلى النجاة وقد لا يقضي فلا يضمن إلَّا مع التصريح به » وقال صاحب الجواهر « وهو كما ترى » .
هذا بخلاف ما إذا قال أدّ ديونك وأنا ضامن لجبرانه فأداه ، ففي الضمان إشكال ، بل منع لعدم صدق الأخذ منه شيئا ولعدم فوات شيء من المأمور حتى يضمنه غيره ولا تشمله أدلَّة الضمان لا الإجماع ولا بناء العقلاء على الضمان كما إذا قال له كل طعامك وأنا ضامن لمن كان مشرفا إلى الموت من الجوع ، فإنّه لا معنى للضمان حينئذ وذلك لأنّ الطعام إنّما يصرف في نفسه ولا ينقص منه شيء حتى ينجبر بالضمان .
وأمّا إذا أمره بإتلاف ماله لنجاته من الغرق وحفظ سائر أمواله لكن لا يصرف في نفسه ولا ديونه مثل أن يقول الق متاعك في البحر حتى تسلم وأنا ضامن له ، فألقاه ، فإن كان النجاة من غرقه وغرق أمواله منحصرا في المأمور ، ففي الضمان إشكال للشكّ في شمول الأدلَّة نحو الإجماع أو بناء العقلاء على الضمان .
وأمّا مع عدم الانحصار وكان إلقاء متاعه في البحر موجبا لنجاته ونجاة أهل السفينة كلَّا أو بعضا فالظاهر أنّ بناء العقلاء على الضمان في أمثاله ، وذلك لأنّ الشركة مصحّحة لعقد الضمان كما أفاده صاحب كشف اللثام وإن أنكره صاحب الجواهر - أعلى اللَّه مقامهما - وقال « وفيه أنّه إن كان المانع من الصحّة وجوب مثل ذلك عليه فهو في المقامين [1] وإن كان المقتضى لها مشروعية ذلك

[1] أي اشتراك صاحب المتاع في فائدة إلقاء المتاع في البحر أو اختصاصها بالمأمور فقط .

146