المالك لأصالته عدم الضمان وأصالة البراءة ، كما يقدم حقّه إذا كان ضرره أكثر من ضرر الجار ، ولكن إن كان ضرر الجار أكثر وأهمّ من ضرر المالك مثل أن يكون الأمر دائرا بين أن يبتلى بمرض خفيف لبرودة الهواء بترك تأجيج النار أو يتلف نفس الجار من طيران شعلة النار فلا إشكال في ضمان المؤجّج ، بل حرمة التأجيج ، هذا ما أدى إليه نظري القاصر فتأمّل جيّدا .
الثالث : تأجيج النار في ملكه مع عدم الحاجة إليه والعلم بالتعدي إلى الغير فالظاهر هو الضمان حينئذ لصدق الإتلاف والإضرار بالغير كما ذهب إليه العلَّامة في القواعد والتحرير والمحقّق في الشرائع .
الرابع : تأجيج النار في ملكه مع عدم الحاجة إليه وعدم العلم بصدمته للغير فوقع وأتلف أموالا أو نفوسا فالظاهر عدم الضمان لأنّه تصرف في ملكه ووقوع الضرر على الغير لا يستند إليه فإنّه لا يصدق عليه أنّه أتلف أو أضرّ بل المتلف أو المضرّ هو الهواء العاصف أو غيرها أو القضاء الإلهي .
الخامس : اعتبار أحد الأمرين في الضمان إمّا التجاوز عن قدر الحاجة أو علم التعدي ، والقائل به الشهيدان في اللمعة والروضة ، فعلى هذا فالضمان في ثلاثة أقسام : أحدها التجاوز عن قدر الحاجة . ثانيها العلم بالتعدي . ثالثها اجتماعها فينحصر عدم الضمان في ما إذا أجّج النار بقدر الحاجة مع عدم العلم بالتعدي .
المسألة « 64 » لو أجّج نارا في غير ملكه فاحترق به أموال ونفوس فيتصور على وجوه :
( أولها ) إن أجّجها بدون أن يقصد به تلف الأموال والنفوس فالظاهر أنّه ضامن لكلّ ما تلف به من دية النفوس وضمان الأموال لأنّه من قبيل القتل بالتسبيب نظير حفر البئر في غير ملكه ، بل يمكن التمسّك بأخبارها بناء على فهم المثالية لا الخصوصية للبئر ولعلّ فتوى المفيد والفاضل والشهيدين بل المشهور هنا لذلك .

109