تقسم تلك الأربعة أخماس بين المقاتلين وغيرهم ممّن حضر ، ومن المعلوم أنّ الأرض لا تقسّم بينهم قطعا ، فيستفاد منها أنّ الخمس إنّما يتعلَّق بشيء يكون أربعة أخماسه لمن حضر القتال على التقسيم ، وأمّا ما لا يقسّم بين المقاتلين فلا خمس فيه أصلا - يحكم هنا بأنّ المراد من الغنيمة الواقعة في مرسلة الورّاق هو المنقول منها فقط ، إذ هو الذي يكون فيه الخمس . فتحصّل : أنّ الخمس حيث لا يتعلَّق بالأرض بل ينحصر بالمنقول يقضى ذلك بقرينة المقابلة أنّه إذا لم يكن القتال بإذن الإمام ( عليه السلام ) يكون المنقول فقط بأجمعه له ( عليه السلام ) ، لا الأعم منه ومن الأرض ، وبيان قرينيّة التقابل : أنّ ما يتعلق به الخمس إذا كان بإذن الإمام ( عليه السلام ) لا يتعلَّق به الخمس إذا لم يكن بإذنه ، بل يكون جميعه له ( عليه السلام ) ، هذا ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، غير أنّ الرواية مرسلة ، فيشكل الاعتماد عليها ما لم ينجبر إرسالها بعمل الأصحاب ، وهم وإن أفتوا بمضمونها إلَّا أنّ الاستناد إليها لم يثبت ، لاحتمال تمسّكهم برواية بمعاوية ابن وهب قال : قلت لأبي عبد اللَّه ( عليه السلام ) : السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم ، كيف تقسّم ؟ قال : « إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم أخرج منها الخمس للَّه وللرسول وقسم بينهم أربعة أخماس ، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام ، يجعله حيث أحبّ » [1] ، ولكنّ الذي يبعده أنّ تسلَّمهم واتّفاقهم على هذا الحكم لا يمكن أن يكون مستندا إلى رواية مضطربة ، من حيث قابليتها لاختلاف الأنظار والآراء ، كما سنشير إلى نبذ منها ، وظنّي أنّ التأمّل التامّ فيها يهدى إلى عدم صلوحها مستندا لاتفاقهم ، فيحدس قويّا أنّ استنادهم إنّما هو إلى تلك المرسلة ، فينجبر إرسالها باستنادهم المنكشف من اتّفاقهم . فعليه لا مجال لتوهّم التعارض بين المرسلة على ما استفدنا منها ، وبين قوله
[1] الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 1 من أبواب الأنفال ، ح 3 .