فإنّ المتبادر من الغزاء كما أشير إليه هو الجهاد ، مع أنّ تقسيمه إلى ما كان بإذن الإمام ( عليه السلام ) ، وما لم يكن كذلك ، شاهد على أنّ المراد منه هو الجهاد ، إذ هو الذي يحتاج إلى الإذن لا الدفاع عن النفس والعرض ، لأنّه واجب في زمنى الحضور والغيبة ، مع الإذن وعدمه ، ووجه احتياج الجهاد إلى إذنه ( عليه السلام ) واضح ، إذ ربّما تكون الدّعوة إلى الإسلام موجبة لوهنه وانحطاط تعاليمه العالية حيث لم يؤت البيت من بابه ، فلا مجال للريب فيما تقدم بعد شهادة هذا التقسيم على أنّ المراد من الغزاء هو الجهاد فقط ، ومن المعلوم عدم صدقه على الدّفاع ، سواء كان شخصيّا ، أو عموميّا ، ولا على دعوة فرد من المسلمين لفرد من المشركين مثلا ، وللتصريح بأنّه « إذا غزا قوم . » الحديث ، فلا يشمل غزاء الفرد ، هذا بالنسبة إلى أنّ المراد من القتال هو الجهاد . وأمّا بيان وجه الاختصاص بالأموال المنقولة وأنّ الأرض خارجة عن هذا الحكم فبالاستظهار من قوله ( عليه السلام ) في هذه المرسلة بأنّه إذا كان بإذن الإمام ( عليه السلام ) كان للإمام الخمس ، وحيث إنّه قد تقدّم منا مستقصى [1] في مبحث عدم تعلَّق الخمس بالأرض المفتوحة عنوة أنّ الظَّاهر من قوله تعالى : * ( أَنَّما غَنِمْتُمْ ) * [2] هو الاغتنام الشخصي المنسوب إلى آحاد المكلَّفين ، وأنّ الخمس إنّما يتعلق بما هذا شأنه ، وأمّا ما يغنمه عنوان المسلم بما هو ، غير المنطبق على أحد بخصوصه ، نحو الأرض المفتوحة عنوة ، فهو سالم عن تعلَّقه - لانصراف دليل الخمس عنها ، مضافا إلى الدّليل الخاصّ الدالّ على عدم تعلَّقه بها وهو مرسلة حمّاد بن عيسى الطَّويلة [3] حيث إنّ فيها : أنّ خمس تلك الغنائم يؤخذ أولا ، ثم
[1] راجع ص 19 ، الجهة الأولى من مبحث غنائم دار الحرب . [2] سورة الأنفال : الآية 41 . [3] الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 1 من أبواب الأنفال ، ح 4 .