من بعض ما قدّمناه في بحث أنّ الخمس لا يتعلَّق بالأراضي المفتوحة عنوة [1] ، حتى يظهر سرّ الاختصاص هنا بالأموال المنقولة في الجهاد بخصوصه ، ويندفع ما توهمه بعض الأعلام من التعميم في القتال بغير الجهاد أيضا ، كلّ ذلك لأجل روايات خاصّة في الباب ، فنقول : يتصوّر القتال على وجوه : الأوّل : القتال الشّخصي وهو الواقع بين فرد من آحاد المسلمين وفرد من آحاد الكفّار ، إمّا لدعوته إلى الإسلام ، أو لغرض آخر نحو التهاجم على أمواله ، والطغيان عليه ظلما وزورا . الثاني : القتال العمومي الواقع بين طائفة من المسلمين وطائفة من الكفار لأجل مشتهيات نفسيّة من حبّ الجاه والرئاسة ، أو لأجل دفاعهم عن أنفسهم شرور الكفّار ، وتهاجمهم ، كما يتصور مثل ذلك في القسم الأوّل أيضا . الثالث : القتال العمومي الواقع بين تينك الطائفتين ولكن لأجل دعوتهم إلى الإسلام فقط ، وهذا هو المسمى بالجهاد ، والمتبادر من الغزاء ، المستعمل في لسان الروايات في غير المقام أيضا ، كما فيما يدعى للغزاة بالنصر والغلبة ، فإنّ الظاهر من لفظة الغزاة الواردة في تلك الأدعية هم المجاهدون في سبيل اللَّه لدعوة المنحرفين وهدايتهم إلى الإسلام . وبالجملة : ما يمكن أن يستدلّ به لاختصاص القتال في المقام بالقسم بالأخير وهو الجهاد ، ما عن أبي عبد اللَّه ( عليه السلام ) في مرسلة العباس الورّاق : « إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلَّها للإمام ، وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس » [2] .
[1] راجع ص 19 ، الجهة الأولى من مبحث غنائم دار الحرب . [2] الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 1 من أبواب الأنفال ، ح 16 .