هو أجنبي عن هذا الفنّ بل يعدّ من البطَّالين ، أو المحترفين بسائر الحرف ولكن تصل إليه منافعها حولا بحول ، أو شهرا بشهر على طبق ما عومل بينه وبين من استأجرها منه ، ويكون غيره - أي غير المالك - ممّن يسعى في تربيته بلا استناد إليه .
وبالجملة : يمكن ادّعاء إباء كلماتهم عن الحمل على صورة الحرفة والملكة كما هو واضح للمتأمّل فيها . فالمستفاد من جميع التعابير ، حدّ جامع وقدر مشترك في عدم لزوم الاحتراف وشمول الحكم لمطلق الاستفادة بمعنى جلب النفع والفائدة ولو بغير الحرفة ، نحو قوله تعالى * ( لَها ما كَسَبَتْ وعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ) * [1] فإنّ الكسب شامل لما لم يعمل فيه بالتعمّل والتحمّل للتحصيل بخلاف الاكتساب على ما قيل [2] ، بل لم يأب بعضها عن إفادة حكم ما يحصل قهرا أيضا ، وإيّاك وأن تجمد في الملك القهري على خصوص الإرث بل يمكن أن يدّعى بأنّ حصول النماء المتّصل أو المنفصل في ملك مغفول عنه للمالك مثلا من هذا الباب أي ما يحصل في الملك قهرا ، ولا يناقش في الفرض أنّه بالقصد والاختيار ، لأنّه فرع الالتفات المنفي هنا بالذهول والغفلة ، بل في صورة عدم الغفلة أيضا ما لم يقصد المالك تملَّك النماء فإنّه يحصل في ملكه قهرا من دون توقّف على القصد أصلا ، نعم له بعد التملَّك قهرا الإعراض عنه ، كما أنّ له النقل إلى غيره بالبيع وغيره ، فحينئذ يشمل جميع أقسام الملك القهري أيضا ، فيكون خروج الإرث في بعض أقسامه وهو المحتسب منه بالتخصيص بالسيرة مثلا .
وأمّا الأمر الثالث : ففي البحث عن الروايات الَّتي يمكن استفادة العنوان

[1] سورة البقرة : آية 286 .
[2] ذكره بعض المفسّرين في ذيل الآية الشريفة ، كالزمخشري في الكشّاف ، والبروسوي في روح البيان ، والبلاغي في آلاء الرحمن . كما يظهر أيضا ممّا نقله ابن منظور في اللَّسان في مادّة « كسب » عن سيبويه أنّه قال : « كسب : أصاب ، واكتسب : تصرّف واجتهد » .

210