أنه مهما دار الأمر بين الزيادة والنقيصة فمقتضى الأصل حصول النقص لا الزيادة - لوقوع الاشتباه غالبا في النقص لا الزيادة - ليس إلا صرف استحسان لا يمكن الاتكاء عليه ولا يورث الاطمئنان بذلك حتى يكون حجة . هذا كله مع ما عرفت من أن تحف العقول إنما ذكر الحديث مرسلا بل هذا الحديث وإن ذكره جماعة ، لكن كلهم نقلوه عن الريان بن الشبيب مرسلا . وفي تحف العقول أسقط ذكر الريان أيضا . ورواه بالإرسال عن الإمام - عليه السلام - فهذا الحديث لا سند له حتى يعتمد عليه . وإن أمكن أن يقوى بملاحظة متن الحديث صدوره عن الإمام - عليه السلام - مضافا إلى شهرته . وكيف كان فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث ، على عدم اختصاص الحكم بالصيد . فظهر بما ذكرنا أنه لا يمكن إثبات كفارات العبد على المولى مطلقا صيدا كان أو غيره ، بما رواه تحف العقول . وأما الكلام ( في المقام الثاني ) : وهو أنه هل يصح أن يقال في ثبوت خصوص كفارة صيده على مولاه ، أولا ؟ فنقول : أنه قد عرفت مما مضى أن العمدة في ذلك صحيح حريز ، لأن حديث محاجة الإمام - عليه السلام - مع يحيى بن أكثم ، كان ضعيفا سندا . وصحيح حريز وإن كان قد ورد على نحوين كما مر ولكن استفادة الحكم في خصوص الصيد متيقن منه قطعا ، وقد عرفت أن كلمة « أصاب » في النسخة الأولى محتملة لإرادة خصوص الصيد وإرادة مطلق محرمات الإحرام ، وأن الحديث على النسخة الثانية وارد في خصوص الصيد فعلى جميع الصور يثبت أن كفارة الصيد على المولى . لكن يعارض هذا الصحيح ما رواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد اللَّه عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، قال : سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن عبد أصاب صيدا وهو محرم هل على مولاه شيء من الفداء ؟ فقال : لا شيء على مولاه [1] . فيقع التعارض بين خبر ابن أبي نجران - الدال على عدم ثبوت كفارة الصيد على مولاه - وبين صحيح حريز الدال على ثبوت كفارة صيده على مولاه . ولكن خبر ابن أبي نجران إنما يكون واردا على طبق القاعدة .
[1] الوسائل - ج 2 - الباب 56 ، من أبواب كفارات الصيد وتوابعها الحديث 3 .