وأما ( الفرض الثاني ) : فمحصله أنه ( تارة ) يتمكن منه متسكعا بدون عسر وحرج كما لو فرضنا تمكنه من خدمة القوم والذهاب معهم وعدم كون ذلك حرجيا عليه و ( أخرى ) يتمكن منه متسكعا لكن مع كونه حرجيا عليه . أما ( الفرض الأول ) فملخصه أنه لا ينبغي الإشكال في وجوبه عليه كذلك ، لاستقراره في ذمته ، لتركه بدون عذر إلى أن زالت عنه الاستطاعة . وأما ( الفرض الثاني ) : فيقع فيه الكلام في أنه هل يجب عليه ذلك أم لا ؟ مقتضى قاعدة نفي العسر والحرج هو عدمه ، لحكومتها على جميع الأدلة الأولية فينتفى بها الخطاب بالحج متسكعا ، لئلا يقع في العسر والحرج . نعم ، ذمته مشغولة به فيجب أن يقضى عنه بعد موته إن كانت له تركة . وقد يقال بوجوبه . ويمكن أن يستدل عليه بوجوه : ( الأول ) - الإجماع ، فإن الظاهر من كلمات الأصحاب - رضوان اللَّه تعالى عليهم - هو التسالم على وجوب الحج متسكعا على من استقر عليه الحج ، إلا إذ انتفى مع انتفاء الشرائط أصل القدرة . وأما مع بقاء القدرة فيجب عليه ولو استلزم الحرج . و ( فيه ) : بعد تسليم هذا الإجماع أن كونه تعبديا غير معلوم ، لاحتمال كون مدرك المجمعين ما سنذكره من الوجوه . ( الثاني ) - أنه أوقع نفسه بسوء اختياره في هذا المحذور ، فعليه الحج ولو كان حرجيا . وهذا التقريب نظير قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار . و ( فيه ) : أن مقتضى إطلاق دليل نفي العسر والحرج هو شموله لما إذا نشأ العسر والحرج من سوء اختياره كشموله لغير ذلك ، إلا إذا ورد دليل على التقييد وهو مفقود كما أن ما يقال من أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار إنما يصح ذلك بالنسبة إلى العقاب دون الخطاب ، كما قد حقق في محله . ( الثالث ) - الأخبار المتقدمة في الاستطاعة البذلية - الدالة على أنه ليس له أن يستحيي بل يجب عليه الخروج إلى الحج ولو على حمار أجدع أبتر - ( بدعوى ) كون